إنَّ من آداب الدعاء المهمَّة وأسباب قبوله العظيمة أن يسبق الدعاءَ توبةٌ من العبد إلى الله عزَّ وجلَّ من جميع ذنوبه وخطاياه، فيُقرُّ بذنبه، ويعترف بتقصيره، ويندم على تفريطه، فإنَّ تراكمَ الذنوب واجتماعَ الخطايا سببٌ من أسباب عدم الإجابة، كما قال بعض السلف:" لا تستبطئ الإجابةَ وقد سددتَ طُرقَها بالمعاصي "، وقد نظم بعضُهم هذا المعنى في بيتين من الشعر فقال:
نحن ندعو الإلهَ في كلِّ كرب ثمَّ ننساه عند كشف الكروب
كيف نرجو إجابةً لدعاءٍ قد سددنا طريقَها بالذنوب
وقد سبق أن مرَّ معنا حديثُ النبي صلى الله عليه وسلم عندما ذكر الرجلَ يطيل السفر أشعث أغبر يَمدُّ يديه إلى السماء يقول: يا رب يا رب، ومطعمُه حرام، وملبسُه حرام، وغُذِيَ بالحرام، فأنَّى يُستجاب لذلك، فاستبعد النبي صلى الله عليه وسلم إجابةَ دعاء مَن كانت هذه حاله " وقد يكون ارتكاب المحرمات الفعليةُ مانعاً من الإجابة أيضاً، وكذلك ترك الواجبات "١.
ولهذا فإنَّ مَن أراد أن يجيب الله دعاءَه ويُحقق رجاءَه، فعليه أن يتوب إلى الله توبةً نصوحاً من ذنوبه وخطاياه، والله جلّ وعلا لا يتعاظمه ذنبٌ أن يغفره، ولا حاجةٌ يُسألها أن يعطيها، وقد كان أنبياء الله ورسلُه يُرَغِّبون أممَهم ويحثُّونهم على التوبة والاستغفار، ويُبيِّنون لهم