إنَّ من الأدواء الفتَّاكة والشرِّ العظيم ما يكون في الإنسان من مرَضٍ بسبب السِّحر أو العين أو الحسَد، والسِّحرُ له تأثيرٌ بالغٌ في المسحور، فقد يُمرضُ وقد يَقتل، وهكذا الشأنُ في عين الحاسد إذا تكيَّفت نفسُه بالخبث، واستجمع في قلبه الشَّرُّ، فإنَّه يَضُرُّ بالمحسود، فربَّما أمرضَه وربَّما قتله، فالسِّحرُ له حقيقةٌ وتأثير، والحَسَدُ له حقيقةٌ وتأثير.
وإنَّ من نعمة الله على عبده المؤمن أن هَيَّأَ له أسباباً مباركةً وأموراً نافعةً، يندفع بها عنه شَرُّ هؤلاء، ويزول بها عنه ضُرُّهم والبلاءُ النازلُ به بسببهم، وقد أجْمَلَ العلاَّمة ابنُ القيم رحمه الله ذلك في عشرة أسباب عظيمة إذا قام بها العبد وطبَّقَها زال عنه شَرُّ الحاسد والعائن والسَّاحر.
السَّبب الأول: التعوُّذ بالله من شَرِّه والتَّحصُّنُ به واللَّجأ إليه، كما قال تعالى:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}
والله تعالى سميعٌ لِمَن استعاذ به، عليمٌ بما يستعيذ منه، قادرٌ على كلِّ شيء، وهو وحده المستعاذ به، لا يُستعاذ بأحد من خلقه، ولا يُلجأُ إلى أحد سواه، بل هو الذي يعيذ المستعيذين ويَعصمُهم ويَحميهم مِن شَرِّ ما استعاذوا من شَرِّه.
وحقيقةُ الاستعاذة الهروبُ من شيء تَخافُه إلى من يَعصمُك ويَحميك منه، ولا حافظَ للعبد ولا معيذَ له إلاَّ الله، وهو سبحانه حَسْبُ من توكَّلَ عليه، وكافي من لَجأَ إليه، وهو الذي يؤمِّنُ خوفَ الخائف ويُجيرُ المستجير، وهو نعم المولى ونعم النصير.