٨٥ ـ أهميَّة حضور القلب في الدعاء وجُملة من الآداب الأخرى
إنَّ الدعاءَ من أقوى الأسباب التي تُجلبُ بها الأمور المحبوبة، وتدفع بها الأمور المكروهة، لكنه قد يتخلَّف أثرُه وتضعف فائدتُه، وربَّما تنعدم لأسباب منها: إمَّا ضعف في نفس الدعاء، بأن يكون دعاءً لا يحبُّه الله لِما فيه من العدوان، وإمَّا لضعف القلبِ وعدم إقباله على الله وقت الدعاء، وإمَّا لحصول المانع من الإجابة من أكل الحرام، ورَيْنِ الذنوب على القلوب، واستيلاء الغفلة والسهو واللهو وغلبتهما عليها؛ إذ إنَّ هذه الأمور تُبطل الدعاءَ، وتُضعف من شأنِه.
ولهذا فإنَّ من الضوابط المهمَّة والشروطِ العظيمةِ التي لا بدَّ من توفرها في الدعاء حضورَ قلب الداعي وعدم غفلته،؛ لأنَّه إذا دعا بقلب غافلٍ لاهٍ ضعُفت قوةُ دعائه، وضعُف أثرُه، وأصبح شأنُ الدعاء فيه بمنزلة القوس الرخو جدًّا، فإنَّه إذا كان كذلك خرج منه السهم خروجاً ضعيفاً، فيضعف بذلك أثرُه، ولهذا فإنَّه قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الحثُّ على حضور القلب في الدعاء، والتحذيرُ من الغفلة، والإخبارُ بأنَّ عدمَ ذلك مانعٌ من موانع قبوله.
روى الإمامُ أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " القلوبُ أوعيةٌ، وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتُم اللهَ عزَّ وجلَّ أيُّها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة، فإنَّ اللهَ لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر