٦٨ ـ أهميَّة العناية بالألفاظ النبوية في الذِّكر والدعاء
تقدَّم معنا الإشارةُ إلى عِصمةِ الأدعيةِ المأثورة في مبناها ومعناها، وسلامتِها من الخطأ والزللِ في ألفاظها ودلالتها؛ لأنَّها وحيُ الله وتنزيلُه، اختارها اللهُ لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم وعلَّمه إيَّاها، فعلِمَها صلوات الله وسلامه عليه وعمل بها على التمام والكمال، وبلَّغها أمَّتَه البلاغ المبين، وتلقاها عنه صحبُه الكرام خيرَ تلقٍّ فعملوا بها واجتهدوا في تطبيقها وعمارةِ الأوقات بها، ثمَّ بلَّغوها مَن وراءَهم وافيةً تامَّةً بحروفها وألفاظها، فكان لهم بذلك الحظُّ الأوفرُ والنصيب الأكملُ من قوله صلى الله عليه وسلم:" نضَّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها وحفظها، ثمَّ أدَّاها إلى مَن لَم يسمعها "١، ولعلنا نقف وقفة، نتأمَّلُ فيها حرصَ الصحابة رضي الله عنهم على ضبطِ الأدعيةِ النبويَّة وتعلُّمِها، وحرصَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم على توجيههم وتسديدِهم فيها.
فمِن ذلك ما ورد في عدَّةِ أحاديث متعلِّقة بالذِّكر والدعاء أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُعلِّمهم إيَّاها كما يُعلِّمهم السورةَ من القرآن الكريم.
منها ما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما: " أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُعلِّمهم هذا الدعاءَ كما يُعلِّمهم السورةَ من
١ المسند (١/٤٣٧) ، (٤/٨٠) ، وسنن الترمذي (رقم:٢٦٥٧) ، وسنن ابن ماجه (رقم:٢٣٢) ، وصححه العلامة الألباني في صحيح الجامع (رقم:٦٧٦٦) .