للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٣ / ما يَقُولُ إِذا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ

الحديثُ هنا عمَّا يُشرَعُ للمسلم أن يقوله عندما يُصاب بمصيبة في نفسه أو وَلَده أو ماله أو نحو ذلك، وليعلم أوَّلاً أنَّ سُنَّة الله ماضيةٌ في عباده بأن يَبتليَهم في هذه الحياة الدنيا بأنواعٍ من البلايا وألوانٍٍ من المحن والرَّزايا، فيبتليهم بالفقر تارةً وبالغني تارة أخرى، وبالصِّحة تارة وبالمرض تارة أخرى، وبالسَّرَّاء حيناً وبالضَّرَّاء حيناً آخر، وليس في النَّاس إلاَّ مَن هو مُبتَلى، إمَّا بفوات محبوب أو حصول مكروه أو زوال مرغوب، فسرور الدنيا أحلامُ نوم أو كظِلٍّ زائل، إن أَضحَكت قليلاً أبكت كثيراً، وإن سَرَّت يوماً أحزَنت دهراً، وإن مَتَّعت قليلاً مَنَعت طويلاً، وما مَلأت داراً حبرة إلاَّ مَلأتها عبرة، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: "لكلِّ فَرحة تَرحة، وما مُلئَ بيتٌ فَرَحاً إلاَّ مُلئَ تَرَحاً"، إلاَّ أنَّ عبدَ الله المسلم صائرٌ إلى خير في كلِّ أحواله، كما قال صلى الله عليه وسلم: "عَجَباً لأمر المؤمن إنَّ أمرَه كلَّه خيرٌ، وليس ذلك لأحد إلاَّ للمؤمن، إن أصابَته سَرَّاءُ شَكَرَ فكان خيراً له، وإن أصابته ضَرَّاءُ صَبَرَ فكان خيراً له" رواه مسلم١.

وقد أرشد الله عبادَه إلى الحال التي ينبغي أن يكونوا عليها عند المصيبة، وإلى الذِّكر الذي ينبغي أن يقولَه المُصابُ، يقول الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} ٢.


١ صحيح مسلم (رقم:٢٩٩٩) .
٢ سورة: البقرة، الآيات (١٥٥ ـ ١٥٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>