للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرجع إلى مكة، ومرَّ به ركبٌ من عبد قيس فقال: أين تريدون؟ قالوا: نريد المدينة، قال: فهل أنتم مبلغون عنِّي محمداً رسالةً أُرسلُكم بها إليه؟ قالوا: نعم، قال: فإذا وافيتموه فأخبروه أنَّا قد أجْمَعنا السيرَ إليه وإلى أصحابه؛ لنستأصل بَقيتَهم، يريد بذلك إرعابَهم وإخافتَهم، فمَرَّ الرَّكبُ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد، فأخبروه بالذي قاله أبو سفيان وأصحابُه فقال: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} ١، وازداد إيمانُهم بالله وثقتُهم به، ورجعوا إلى المدينة دون أن يُصابوا بسوء أو أذًى، بخلاف المشركين الذين رَجعوا وقلوبُهم مُمتلئةٌ خوفاً ورعباً.

يقول الله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ َانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} ٢.

وفي هذا أنَّ التوكُّلَ على الله أعظمُ الأسباب في حصول الخير ودفع الشَّرِّ في الدنيا والآخرة٣.


١ سورة: آل عمران، الآية (١٧٣) .
٢ سورة: آل عمران، الآيات (١٧٢ ـ ١٧٤) .
٣ انظر: تيسير العزيز الحميد (ص:٥٠٢ ـ ٥٠٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>