للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولهم: {فَائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} ١، إلى غير ذلك مِمَّا حكى الله عنهم، مما يدلُّ على تمام جهلهم، وعِظم غيِّهم وسَفَهِهم، وشدَّةِ إعراضِهم وصدودهم.

وقوله تعالى: {وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً} ٢ يحتَمل أنَّ المرادَ بالإنسان القائل هذه المقالة هو الكافرُ، أي: يدعو على نفسه بالشرِّ والهلاك واستعجالِ العقوبة والعذاب دعاءَه بالخير، كما تقدَّمت الأمثلة على ذلك.

ويَحتمل أنَّ المرادَ بالإنسان هنا الجنس؛ لوقوع هذا الدعاء من بعض أفراده، وهو دعاء الرجل على نفسه وولده عند الضجر والغضب بما لا يحبُّ أن يُستجاب له فيه٣.

قال ابن كثير رحمه الله في معنى الآية: " يخبر تعالى عن عجلةِ الإنسانِ ودعائِه في بعض الأحيان على نفسه أو ولدِه أو ماله بالشرِّ، أي بالموت أو الهلاك أو الدَّمار أو اللعنة أو نحوِ ذلك، فلو استجاب له ربُّه لهلك بدعائه، كما قال تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} ٤ ... "٥.

وقد جاء في هذا المعنى آثار عديدة عن السلف، منها ما جاء عن


١ سورة الأعراف، الآية: (٧٠) .
٢ سورة الإسراء، الآية: (١١) .
٣ انظر: فتح القدير للشوكاني (٣/٢١١) .
٤ سورة يونس، الآية: (١١) .
٥ تفسير القرآن العظيم (٥/٤٥ ـ ٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>