للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله لا يحب المعتدين في كلِّ شيء دعاءً كان أو غيرَه، كما قال الله تعالى: {وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ} ١ "٢ اهـ.

وعلى هذا فإنَّ الآيةَ الكريمة تكون دالةً على أمرين اثنين:

أحدهما: محبوبٌ إلى الله مرغَّبٌ فيه، وهو دعاءُ الله عزَّ وجلَّ تضرُّعاً وخُفيةً.

والثاني: مكروهٌ له مسخوطٌ عنده، مُحذَّرٌ منه أشدَّ التحذير، وهو الاعتداء، فأمر بِما يُحبُّه وندب إليه ورغَّب فيه، وحذَّر مما يُبغضُه، وزجر عنه بما هو أبلغ طرق الزجر والتحذير، وهو إخبارُه سبحانه بأنَّه لا يحبُّ فاعلَه، ومَن لا يحبُّه الله فأيُّ خيرٍ ينال وأيُّ فضلٍ يؤمل٣.

ومن هنا كان متأكَّداً على كلِّ مسلم أن يكون في حذرٍ بالغٍ وحَيْطةِ كاملة من الاعتداء في الدعاء بتجاوز حدِّ الشريعة فيه، والبعدِ عن ضوابِطه وأصولِه المعلومة، والاعتداء مشتقٌّ من العدوان، وهو تجاوز ما ينبغي أن يُقتصر عليه من حدود الشريعة وضوابِطها المعلومة، كما قال تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا} ٤، أي أنَّ ما فصله الله سبحانه لعباده من الشرائع والأحكام يجب ملازمتُه والوقوفُ عنده وعدمُ تعدِّيه {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} ٥، وأيُّ ظلمٍ


١ سورة البقرة، الآية: (١٩٠) .
٢ مجموع الفتاوى (١٥/٢٢ ـ ٢٣) .
٣ انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (١٥/٢٣ ـ ٢٤) .
٤ سورة البقرة، الآية: (٢٢٩) .
٥ سورة الطلاق، الآية: (١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>