للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً} ١، ولهذا قال في تمام هذا الحديث عند الاستيقاظ: "الحمدُ لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا" يشيرُ إلى النَّوم الذي كان عليه الإنسان. والنَّائم يُشبهُ الميِّتَ؛ لأنَّ الحركةَ فيه تتوقَّفُ، والتَّمييزَ يذهبُ، ولهذا كان التكليفُ عنه مرفوعاً حتى يستيقظَ من نومه.

والنَّومُ آيةٌ من آيات الله العظيمة الدَّالَّة على كمال الخالق سبحانه وعظمته واستحقاقه وحده للعبادة، فهو سبحانه الحيُّ الذي لا يموتُ، الذي لا تأخذه سِنةٌ ولا نومٌ، قال الله عز وجل: {وََمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} ٢، وهو أيضاً من رحمة الله تعالى بعباده حيثُ جعل لهم وقتاً يستريحون فيه ويستجمُّون كما قال سبحانه: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ٣.

ومن فوائدِ النَّومِ العظيمة أنَّه يذكِّرُ الإنسانَ بالموت الذي هو نهايةُ كلِّ إنسانٍ ومآلُ كلِّ حيٍّ إلاَّ الحيَّ الذي لا يموت، وفي الاستيقاظ منه دلالةٌ على قدرة الله سبحانه على بعث الأجساد بعد موتها وإحيائها بعد وفاتها ولهذا قال عند الاستيقاظ: "الحمدُ لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النُّشور" والنُّشورُ هو البعثُ يوم القيامة والإحياءُ بعد الإماتة، فنبَّهَ بإعادة اليقظَة بعد


١ سورة: الزمر، الآية (٤٢) .
٢ سورة: العنكبوت، الآية (٢٣) .
٣ سورة: القصص، الآية (٧٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>