للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوم ـ الذي هو موتٌ كما تقدَّم ـ على إثبات البعث بعد الموت يوم القيامة يوم يقوم الناسُ لربِّ العالمين. ولهذا ثبت في الأدب المفرد من حديث البراء ابن عازب قال: كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وضع يدَه تحت خدِّه الأيمن ويقول: "اللَّهمَّ قِنِي عذَابَكَ يومَ تبعثُ عبادَكَ"١.

وقولُه: "الحمدُ لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا" فيه حمدُ الله على هذه النِّعمة العظيمة والمِنَّةِ الجسيمة وهي الإحياءُ بعد الإماتة أي: الاستيقاظُ بعد النَّوم، ومن المعلوم أنَّ الإنسانَ حالَ نومِه يتعطَّلُ عن الانتفاع بهذه الحياة والتمكُّنِ من أداء العبادات، فإذا استيقظ زال عنه ذلك المانعُ، فهو يحمدُ اللهَ جلَّ وعلا على هذا الإنعام ويشكرُه سبحانه على هذا العطاء والإكرام.

ومن جميل ما يرتبطُ بهذا المعنى تمام الارتباط ويتَّفقُ معه تمامَ الاتِّفاق ما خرَّجه الشيخان البخاريُّ ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إذا أوى أحدُكُم إلى فراشِه فلْينفُضْ فراشَه بداخلة إزارِه، فإنَّه لا يدري ما خلَفَهُ عليه، ثمَّ يقول: باسمك ربِّي وضعتُ جنبي وبك أرْفعُه، إنْ أمْسكْتَ نفسي فارْحمْها، وإنْ أرْسلْتَها فاحفظها بما تَحفظُ به عبادَك الصالحين"٢.

ومثلُه كذلك ما رواه مسلمٌ في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "أنَّه أمر رجلاً إنْ أخذ مضجِعَه قال: "اللَّهمَّ خلقتَ نفسي، وأنت توفَّاها، لك مماتُها ومحياها، إنْ أحييْتها فاحفظْها، وإنْ أمتَّها فاغفر لها، اللَّهمَّ


١ الأدب المفرد (رقم:١٢١٥) ، وصحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الأدب المفرد (رقم:٩٢١) .
٢ صحيح البخاري (رقم:٦٣٢٠) وصحيح مسلم (رقم:٢٧١٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>