وقوله:"الذي أرسلت" أي: إلى كافة الخلق بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فبلَّغ الرسالةَ، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمَّة، وجاهد في الله حقَّ جهاده حتى أتاه اليقين.
ثم قال صلى الله عليه وسلم مبيِّناً فضيلة هذا الدعاء وعظم الخير والفضل المترتب عليه "فإن مُتَّ مُتَّ على الفطرة" أي: على الإسلام، فالإسلام هو دين الفطرة، كما قال الله تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} ١ وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث أنَّه قال "وإن أصبحت أصبتَ خيراً" أي: إن لَم تَمُت من ليلتك تلك أصبت في الصباح خيراً، ثواباً لك على اهتمامك بهذا الأمر.
وقد أرشد صلوات الله وسلامه عليه إلى أن يجعل المسلمُ هذا الدعاءَ في آخر الدعوات والأذكار التي يقولها المسلم عند نومه، لتكون هذه الكلمات آخر كلام المسلم عند نومه، ولهذا قال:"واجلعهنَّ آخرَ ما تقول".
وفي قول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم للبراء لَمَّا ردَّد الدعاءَ أمامه من أجل استذكاره:"لا، وبنبيِّك الذي أرسلت" دليلٌ على أهميَّة التقيُّد بهذه الأذكار حسب ألفاظها الواردة؛ لكمالها في مبناها ومعناها.
فهذا دعاءٌ عظيم ينبغي على المسلم أن يحافظَ عليه عند نومه، ويتأمَّلَ في دلالاته العظيمة ومعانيه الجليلة؛ ليظفر بعظيم موعود الله لِمَن حافظ عليه واعتنى به، واللهَ الكريم نسأل أن يوفِّقنا وإياكم للمحافظة عليه والعناية به، وأن يوفِّقنا لكلِّ خير يحبه ويرضاه في الدنيا والآخرة.