للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء في الحديث القدسي أنَّ الله تبارك وتعالى يقول: " يا عبادي كلُّكم ضالٌّ إلاَّ مَن هديتُه، فاستهدوني أهدِكم، يا عبادي كلُّكم جائعٌ إلاَّ مَن أطعمته، فاستطعِموني أُطعمكم، يا عبادي كلُّكم عارٍ إلاَّ من كسوتُه، فاستكسوني أكسُكم، يا عبادي إنَّكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوبَ جميعاً فاستغفروني أغفر لكم ... "١، قال ابن رجب رحمه الله: " هذا يقتضي أنَّ جميع الخلق مُفتَقِرون إلى الله تعالى في جلب مصالِحِهم، ودفع مضارِّهم، في أمور دينهم ودنياهم، وأنَّ العبادَ لا يملكون لأنفسهم شيئاً من ذلك كلِّه، وأنَّ من لَم يتفضّل الله عليه بالهدى والرزق فإنَّه يحرمهما في الدنيا، ومن لَم يتفضَّل الله عليه بمغفرة ذنوبه أَوْبَقته خطاياه في الآخرة "٢. اهـ كلامه رحمه الله.

فالأمورُ كلُّها بيده، الهدايةُ والعافيةُ والرزقُ والصحةُ وغيرُ ذلك، وما شاء سبحانه من ذلك كان، وما لَم يشأ لَم يكن {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ٣، قال تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} ٤، فعطاؤُه سبحانه كلام، وعذابُه كلام، فإذا أراد شيئاً من عطاء أو عذاب أو غير ذلك قال له كن فيكون، ولهذا فكيف ـ والأمر كذلك ـ يُلجأ إلى سواه، أو يُخضع لمن دونه، أو يُطلب ويدعى غيره؟


١ صحيح مسلم (رقم:٢٥٧٧) .
٢ جامع العلوم والحكم (٢/٣٧ ـ ٣٨) .
٣ سورة يس، الآية: (٨٢) .
٤ سورة النحل، الآية: (٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>