للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبين، الذي لا تنبغي العبادةُ إلا له، ويستدلوا بها على أنَّه على كلِّ شيء قدير، وأنَّه بكلِّ شيء عليم، وأنَّه شديد العقاب، وأنَّه غفور رحيم، وأنَّه العزيز الحكيم، وأنَّه الفعّال لما يريد، وأنَّه الذي وسع كلَّ شيء رحمةً وعلماً، وأنَّ أفعالَه كلَّها دائرةٌ بين الحكمة والرحمة والعدل والمصلحة، لا يخرج شيءٌ منها عن ذلك، فإذا تدبّر العبدُ ذلك أورثه ولا ريب زيادةً في اليقين، وقوّةً في الإيمان، وتماماً في التوكّل.

فهذه خمسةُ أسبابٍ عظيمةٍ١ تدلُّ على فضل العلم بأسماء الله وصفاته وشدّة حاجة العباد إليه، بل ليس هناك حاجةٌ أعظمَ من حاجة العباد إلى معرفة ربِّهم وخالقهم ومليكهم ومُدبِّر شئونهم ومُقدِّر أرزاقهم، الذي لا غنى لهم عنه طرفة عين، ولا أقَلّ من ذلك، ولا صلاح لهم ولا زكاء إلا بمعرفته وعبادته والإيمان به وحده سبحانه، ولهذا فإنَّ حظَّ العبد من الصلاح واستحقاقه من المدْح والثناء إنَّما يكون بحسب معرفته بربه سبحانه [وعمله بذلك] ، وذلك بتدبُّر أسمائه الحسنى وصفاته العليا الواردة في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفهِمَها فهما صحيحاً سليماً دون أن يجحد شيئاً منها، أو يحرِّفه عن مراده ومدلوله، أو يُشبِّهه بشيءٍ من صفات الخلق تعالى الله عن ذلك وتنزَّه وتقدّس، فالله جلّ وعلا {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ٢ فله الحمد كلُّه على أسمائه الحسنى وصفاته العظيمة وآلائه الجسيمة، وله الثناء الحسن لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه.


١ انظر: تفسير ابن سعدي (١/١٠) ، وخلاصته (ص:١٥) .
٢ سورة الشورى، الآية: (١١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>