للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على صفة الخلق، والكريم يدل على صفة الكرم، والمحسن يدل على صفة الإحسان، وهكذا وإن كانت جميعها متفقةً في الدلالة على الرب تبارك وتعالى، ولهذا فهي من حيث دلالتُها على الذات مترادفةٌ، ومن حيث دلالتُها على الصفات متباينةٌ؛ لدلالة كل اسم منها على معنى خاص مستفاد منه.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "أسماء الرب تبارك وتعالى كلُّها أسماء مدح، ولو كانت ألفاظاً مجرّدةً لا معاني لها لم تدل على المدح، وقد وصفها الله بأنَّها حسنى كلُّها فقال: {وَللهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ١ فهي لم تكن حسنى لمجرّد اللفظ، بل لدلالتها على أوصاف الكمال، ولهذا لما سمع بعضُ العرب قارئاً يقرأ: {والسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللهِ} (والله غفور رحيم) . قال: ليس هذا كلامَ الله تعالى، فقال القارئ: أتُكذّب بكلام الله؟ فقال: لا، ولكن ليس هذا بكلام الله، فعاد إلى حفظه، وقرأ: {وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ٢، فقال الأعرابي: صدقتَ، عزَّ فحكم فقطع، ولو غفر ورحم لما قطع. ولهذا إذا خُتمت آية الرحمة باسم العذاب أو بالعكس ظهر تنافرُ الكلام وعدمُ انتظامه"٣. اهـ.

وبهذا يتبيّن أنَّ فهم أسماء الله الحسنى والعلم بمعانيها أساس لا بد


١ سورة الأعراف، الآية: (١٨٠) .
٢ سورة المائدة، الآية: (٣٨) .
٣ جلاء الأفهام (ص:١٠٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>