للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنَّه قال: "إنّ رجلاً بُسط له من الدنيا فانتزع ما في يديه، فجعل يحمدُ الله ويثني عليه حتى لم يكن له فراشٌ إلاّ بارِيَّةٌ١، قال: فجعل يحمدُ الله ويثني عليه، وبُسط لآخر من الدنيا فقال لصاحب الباريّة: أرأيتك أنت على ما تحمد الله؟ قال: أحمده على ما لو أُعطيت به ما أُعطي الخلق لم أعطِهم إيّاه. قال: وما ذاك؟ قال: أرأيتك بصرك، أرأيتك لسانك، أرأيتك يديك، أرأيتك رجليك "٢.

وثبت في فضل الحمد ما رواه الترمذي وابن ماجه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أفضل الذِكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله"٣، فجعل صلوات الله وسلامه عليه حمدَ الله أفضلَ الدعاءِ، مع أنَّ الحمد إنّما هو ثناءٌ على المحمود مع حبِّه، ولهذا سُئل ابن عيينة رحمه الله عن هذا الحديث فقيل له: كأنّ الحمد لله دعاء؟ فقال: "أما سمعتَ قولَ أمية بن أبي الصلت لعبد الله ابن جدعان يرجو نائلة:

أأذكر حاجتي أم قد كفاني ... حباؤك إن شيمتَك الحياءُ

إذا أثنى عليك المرءُ يوما ... كفاه من تعرضه الثناء

كريم لا يغيره صباحٌ ... عن الخلق الجميلِ ولا مساءُ


١ الحصير المنسوج. القاموس المحيط (ص:٤٥٢) .
٢ ذكرهما ابن القيّم في عِدة الصابرين (ص:١٦٧) .
٣ سنن الترمذي (رقم:٣٣٨٣) ، وسنن ابن ماجه (رقم:٣٨٠٠) ، وحسّنه العلامة الألباني في صحيح الجامع (رقم:١١٠٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>