للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه أصوات الخلق ولا تشتبه عليه، ولا يُشغلُه منها سمع عن سمع، ولا تغلطُه المسائل، ولا يبرمُه كثرة السائلين، قالت عائشة رضي الله عنها: " الحمد لله الذي وسع سمعُه الأصوات، لقد جاءت المجادِلة تشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني ليخفى عليّ بعضُ كلامها، فأنزل الله عز وجل: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ واللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} ١ ") ، القديرُ الذي لكمال قدرته يهدي من يشاء ويضلّ من يشاء، ويجعل المؤمنَ مؤمناً والكافرَ كافراً، والبرَّ برًّا والفاجرَ فاجراً، ولكمال قدرته سبحانه لا يحيط أحدٌ بشيء من علمه إلاّ بما شاء أن يُعلمه إيّاه، ولكمال قدرته خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيّامٍ وما مسَّه من لغوب، ولا يُعجزه أحدٌ من خلقه ولا يفوته، بل هو في قبضته أين كان، ولكمال غناه استحال إضافة الولد والصاحبة والشريك والشفيع بدون إذنه إليه، ولكمال عظمته وعلوّه وسِعَ كرسيُّه السموات والأرض، ولم تسعه أرضُه ولا سمواتُه، ولم تُحط به مخلوقاته، بل هو العالي على كلِّ شيء، وهو بكلِّ شيء محيط، يقول الله تعالى في أوّل سورة يونس: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقاًّ إِنَّهُ يَبْدَؤُا الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا


١ سورة: المجادلة، الآية: (١) . وحديث عائشة رواه أحمد في المسند (٦/٤٦) ، وغيره، وصححه الألباني في تعليقه على السنة لابن أبي عاصم (رقم:٦٢٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>