للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعمّ من جهة أسبابه، ومن هذا الحديثُ: "الحمد لله رأس الشكر، فمن لم يحمد الله لم يشكره"١، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "إنَّ الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها" ٢") ٣. اهـ كلامه رحمه الله.

وبه يتبيّن أن بين الحمد والشكر عموماً وخصوصاً من وجه، فيجتمعان فيما إذا كان باللسان في مقابلة نعمة، فهذا يُسمَّى حمداً ويُسمَّى شكراً، وينفرد الحمد فيما إذا أثنى العبد على ربّه بذكر أسمائه الحسنى ونعوته العظيمة فهذا يُسمَّى حمداً، ولا يُسمَّى شكراً، وينفرد الشكر فيما إذا استعمل العبد نعمة الله في طاعة الله فهذا يُسمى شكراً ولا يُسمَّى حمداً.

إنَّ حمدَ الله هو الثناءُ على الله بذكر صفاته العظيمة ونعمِه العميمة مع حبّه وتعظيمه وإجلاله، وهو مختصٌّ به سبحانه لا يكون إلاّ له، فالحمد كلّه لله رب العالمين؛ "ولذلك قال سبحانه: {الحَمْدُ للهِ} ب لام الجنس المفيدة للاستغراق، فالحمد كلُّه له إمّا ملكاً وإما استحقاقاً، فحمده لنفسه استحقاق، وحمد العباد له وحمدُ بعضهم لبعض ملكٌ

له ... فالقائل إذا قال: الحمد لله تضمّن كلامه الخبر عن كلِّ ما يحمد


١ رواه عبد الرزاق في المصنف (١٠/٤٢٤) ، والبيهقي في الآداب (ص:٤٥٩) من طريق قتادة: أنَّ عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره.
قال البيهقي: "هكذا جاء مرسلاً بين قتادة ومن فوقه".
٢ صحيح مسلم (رقم:٢٧٣٤) .
٣ الفتاوى (١١/١٣٣،١٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>