للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طاعة الله وعبادته ولم يعصه في لحظة واحدة ولا لفظةٍ ما أدّى شكر عشر معشار نعمه سبحانه، بل لو أنفق كلَّ عمره مضاعفاً إلى ما لا نهاية من الأعمار ما أدّى شكر نعمة واحدة، كيف والشكر نعمة تحتاج إلى مثلها من الشكر، فلا سبيل إلى تأدية شكر عُشر معشار نعمه إلاَّ بالاعتراف بالعجز والتقصير، ولهذا جاء في سيِّد الاستغفار "أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنَّه لا يغفر الذنوب إلاَّ أنت". ولفظُ النعمة وإن كان مفرداً في هذا الدعاء لكنه مضاف فيعمّ كلَّ نعمة من الظاهرة والباطنة من نعمة الإيمان والوجود من العدم والسمع والبصر والعقل والعلم والصحة وغير ذلك من النعم اللاّتي أنعم الله بها على عباده١.

والنعمة نعمتان: نعمة مطلقة ونعمة مقيَّدة.

فأما النعمة المطلقة فهي المتصلة بسعادة الأبد وهي نعمة الإسلام والسنة، وهي النعمة التي أمرنا الله سبحانه أن نسأله في صلاتنا أن يهدينا صراط أهلها ومن خصّهم بها وجعلهم أهل الرفيق الأعلى حيث يقول تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيِهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُهَدَآءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} ٢.

وأما النعمة المقيَّدة كنعمة الصحة وعافية الجسد وبسط الجاه وكثرة الولد وأمثال هذا، والنعمة المطلقة هي التي يُفرَح بها في الحقيقة،


١ انظر: اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم (ص:٢ ـ ٤) .
٢ سورة النساء، الآية (٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>