لأبي الدرداء: إنّ رجلا أعتق مائة نسَمة قال: "إنّ مائة نسَمة من مال رجل كثيرٌ، وأفضلُ من ذلك إيمانٌ ملزومٌ بالليل والنّهار وأن لا يزال لسانُ أحدكم رطباً من ذكر الله".
فبيّن رضي الله عنه فضل عتق الرِّقاب وأنّه مع عظم فضله لا يعدل ملازمة الذِّكر والمداومة عليه، وقد جاء في هذا المعنى آثارٌ كثيرةٌ عن السَّلفِ رحمهم الله.
يقول ابن مسعود رضي الله عنه:"لأَنْ أُسبِّح الله تعالى تسبيحات أحبُّ إليَّ من أن أُنفق عددهن دنانير في سبيل الله".
وجلس عبد الله بن عمرو وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم فقال عبد الله ابن مسعود: لأَن آخذ في طريق أقول فيه: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، والله أكبر أحبُّ إليَّ من أن أنفق عددهن دنانير في سبيل الله عز وجل، فقال عبد الله بن عمرو:"لأن آخذ في طريق فأقولهنّ أحبُّ إليَّ من أن أحمل عددهنّ على الخيل في سبيل الله عز وجل ".
وكذلك قال غيُر واحدٍ من الصحابة والتّابعين، إنّ الذِّكر أفضل من الصّدقة بعدده من المال١.
والآثارُ في هذا المعنى عنهم كثيرةٌ، وهي لا تعني لا من قريب ولا من بعيد التّقليل من شأن النّفقة في سبيل الله، والحمل على الخيل في سبيله، وعتق الرِّقاب في سبيله، وإنَّما المرادُ بها تعليةُ شأن الذِّكر، وبيانُ عظيم قدره، ورِفعة مكانته، وأنّه لا يعدله شيءٌ من هذه الأمور، بل إنّ الأعمال كلَّها والطّاعات جميعها إنّما شرعت لإقامة ذكر الله،