للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الترمذي وغيرُه عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: " ليس شيء أكرم على الله من الدعاء "١.

ففي هذه الأحاديث دلالةٌ على فضل الدعاء، وعظيم كرمه عند الله، ورفيع مكانته من العبادة، وأنَّه روحُها ولبُّها وأفضلُها، وإنَّما كان ذلك كذلك لأمور عديدة ذكرها أهل العلم:

منها: أنَّ الدعاءَ فيه التضرُّعُ إلى الله وإظهارُ الضعف والحاجة إليه سبحانه.

ومنها: أنَّ العبادةَ كلَّما كان القلبُ فيها أخشعَ والفكرُ فيها حاضراً فهي أفضلُ وأكملُ، والدعاء أقربُ العبادات إلى حصول هذا المقصود، فإنَّ حاجةَ العبد تدفعه إلى الخشوع وحضور القلب.

ومنها: أنَّ الدعاءَ ملازمٌ للتوكُّل والاستعانةِ بالله، فإنَّ التوكُّلَ هو الاعتمادُ بالقلب على الله والثقةُ به في حصول المحبوبات واندفاع المكروهات، والدعاءُ يقويه، بل يعبر عنه ويصرح به، فإنَّ الداعي يعلم ضرورته التامة إلى الله، وأنَّ أمورَه جميعَها بيده، فيطلبها من ربِّه راجياً له واثقاً به، وهذا هو روحُ العبادة٢، إلى غير ذلك من الأمور التي تبيِّن عِظم قدر الدعاء ورِفعة شأنه، على أنَّه ينبغي أن يتنبَّه إلى أنَّ هذا لا


١ سنن الترمذي (رقم:٣٣٧٠) ، وابن ماجه (رقم:٣٨٢٩) ، وصحيح ابن حبان (رقم:٨٧٠) ، المستدرك (١/٤٩٠) ، وحسنه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الأدب المفرد (رقم:٥٤٩) .
٢ انظر: مجموع الفوائد واقتناص الأوابد لابن سعدي (ص:٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>