للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه حقٌ لا ريب في صحّته. يقول ابن القيِّم رحمه الله: "إنّ أفضل أهل كلِّ عمل أكثرهم فيه ذكرًا لله عز وجل، فأفضلُ الصُّوَّام أكثرهم ذكرًا لله عز وجل في صومهم، وأفضل المتصدّقين أكثرهم ذكرًا لله عز وجل، وأفضلُ الحجّاج أكثرهم ذكرًا لله عز وجل، وهكذا سائر الأعمال"١، ثمّ أورد الحديث المتقدّم، وأورد عقبه عن عبيد بن عُمير رحمه الله أنّه قال: "إنْ أَعْظَمَكم هذا اللّيلُ أن تُكابدوه، وبَخِلتم بالمال أن تنفقوه، وجنبتم عن العدوِّ أن تقاتلوه، فأكثروا من ذكر الله عز وجل ".

فذِكرُ الله تعالى هو أفضل الأعمال، وهو أكبر من كلِّ شيء، يقول الله جلّ وعلا: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ} ٢، أي: ذكرُ الله لكم أكبرُ من ذكركم له في عبادتكم وصلواتكم، وهو ذاكرٌ مَن ذَكَرَه، قال معناه ابنُ مسعود وابن عبّاس وأبو الدرداء وأبو قرَّة وسلمانُ والحسنُ، واختاره ابن جرير الطبري. وقيل: ذِكْرُكُم الله في صلاتكم وفي قراءة القرآن أفضلُ من كلِّ شيء. قال ابن زيد وقتادة: ولَذِكرُ الله أكبرُ من كلِّ شيء، أي أفضل من العبادات كلُّها بغير ذكر. وقيل المعنى: إنّ ذكر الله أكبر مع المداومة من الصلاة في النهي عن الفحشاء والمنكر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الصّحيح أنّ معنى الآية أنّ الصّلاة فيها مقصودان عظيمان، وأحدهما أعظم من الآخر، فإنّها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي مشتملة على ذكر الله تعالى، ولِمَا


١ الوابل الصيب (ص:١٥٢) .
٢ سورة العنكبوت، الآية: (٤٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>