للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله صلى الله عليه وسلم " إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله " أمرٌ بالإخلاصِ لله تعالى في السؤال والاستعانة بأن لا يُسأل إلاَّ الله، ولا يُستعان إلاَّ به، وهذا أمرٌ متعيِّنٌ على كلِّ مسلم " لأنَّ السؤالَ فيه إظهارُ الذُّلِّ من السائل والمسكنةِ والحاجةِ والافتقارِ، وفيه الاعترافُ بقُدرةِ المسؤول على دفع هذا الضررِ ونيلِ المطلوب وجلبِ المنافعِ ودرءِ المضارِ، ولا يصلحُ الذُّلُّ والافتقارُ إلاَّ لله وحده؛ لأنَّه حقيقةُ العبودية "١.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " ومِن أعظم الاعتداء والعدوان والذُّلِّ والهوان أن يُدعى غير الله، فإنَّ ذلك من الشركِ، والله لا يغفر أن يُشرك به، و {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} ٢، {فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لقَاءَ ربِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} ٣، وسؤالُ المخلوق محرَّمٌ لغير الحاجة [أي فيما يَقدرُ عليه] ، كما ثبت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة في تحريم المسألة له ولغيره، كحديث حكيم وقبيصة وغيرهما، ففي حديث حكيم بن حزام قال: " سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثمَّ سألتُه فأعطاني، ثمَّ سألتُه فأعطاني، ثمَّ قال: يا حكيم إنَّ هذا المالَ خَضِرَةٌ حُلوةٌ، فمَن أخذه بطيب نفس بورك له فيه، ومَن أخذه بإشراف نفسٍ لَم يُبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خيرٌ من اليد السفلى "، أخرجاه٤.


١ جامع العلوم والحكم (١/٤٨١) .
٢ سورة لقمان، الآية: (١٣) .
٣ سورة الكهف، الآية: (١١٠) .
٤ صحيح البخاري (رقم:١٤٧٢) ، وصحيح مسلم (رقم:١٠٣٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>