للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيَّ صلى الله عليه وسلم فوجدته يخطبُ الناسَ وهو يقول: يا أيُّها الناس، والله مهما يكونُ عندنا من خيرٍ فلن ندَّخره عنكم، وإنَّه مَن يستغن يُغنه الله، ومن يستعف يُعفَّه الله، ومَن يتصبَّر يصبِّره الله، وما أُعطي أحدٌ عطاء خيراً وأوسعَ من الصبر، فقلتُ في نفسي: والذي بعثك بالحقِّ لا أسألكَ شيئاً، فرجعتُ فأغنى اللهُ وجاء بخيرٍ "١، فأبو سعيد فهِم من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ تركَ سؤالِه تعفُّفاً واستغناءً خيرٌ له من سؤالِه، فإذا كان تركُ سؤال الأنبياء في حياتهم أفضلَ مع الحاجة والفاقة، ومع عدم الحاجة يكون حراماً، فكيف سؤالُ الغائب والميِّت منهم ومِن غيرهم ... "٢.

وقال رحمه الله: " ... فإنَّ سؤالَ المخلوقين فيه ثلاثُ مفاسد: مفسدةُ الافتقار إلى غير الله، وهي من نوع الشرك، ومفسدةُ إيذاء المسؤول وهي من نوع ظلم الخلق، وفيه ذُلٌّ لغير الله، وهو ظلمٌ للنفس، فهو مشتملٌ على أنواع الظلم الثلاثة "٣ اهـ كلامُه رحمه الله.

والمسلمُ الموفَّقُ يعلم علمَ يقين أنَّه لا ينفع ولا يضرُّ ولا يُعطي ولا يمنع غيرُ الله، ولهذا فهو يُفرده وحده بالخوف والرجاء، والمحبَّة والسؤال، والتضرُّع والدعاء، والذُّلِّ والخضوع، وإنَّا لنرجوه سبحانه أن يوفِّقنا وإيَّاكم لتحقيق ذلك، وألاَّ يكِلنا إلى أحد سواه، فإنَّه سبحانه نِعم المسؤول ونِعم المرجو والمستعان.


١ صحيح البخاري (رقم:١٤٦٩، ٦٤٧٠) ، وصحيح مسلم (رقم:١٠٥٣) بلفظ مقارب.
٢ تلخيص الاستغاثة (١/٢١٠ ـ ٢١٦) باختصار.
٣ قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص:٦٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>