للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى والأكمل، قال شيخ الإسلام: " ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد في الدعاء يستقبلها كما فعله في أثناء الاستسقاء الذي رفع فيه يديه رفعاً تاماًّ، فعن عباد بن تميم عن عمّه: " أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالناس يستسقي، فصلّى بهم ركعتين جهر بالقراءة فيهما وحوّل رداءه، ورفع يديه فدعى واستسقى واستقبل القبلة " ١، رواه الجماعة أهل الصحاح والسنن والمسانيد، كالبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم، فأخبر أنَّه استقبل القبلةَ التي هي قبلة الصلاة في أثناء دعاء الاستسقاء "٢.

وقال رحمه الله: " إنَّ المسلمين مجمعون على أنَّ القبلة التي يُشرع للداعي استقبالها حين الدعاء هي القبلة التي شرع استقبالها حين الصلاة، فكذلك هي التي شرع استقبالها حين ذكر الله كما تستقبل بعرفة والمزدلفة وعلى الصفا والمروة، وكما يستحب لكلِّ ذاكرٍ لله وداعٍ أن يستقبل القبلةَ كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه كان قد يقصد أن يستقبل القبلة حين الدعاء، كذلك هي التي يشرع استقبالها بتوجه الميِّت إليها، وتوجيه النسائك والذبائح إليها، وهي التي يُنهى عن استقبالها بالبول والغائط، فليس للمسلمين بل ولا لغيرهم قبلتان أصلاً في العبادات التي هي من جنسين كالصلاة والنسك فضلاً عن العبادات التي هي من جنس واحد وبعضها متصلٌ ببعض، فإنَّ الصلاةَ فيها الدعاء في الفاتحة وغيرها، والدعاء نفسه هو الصلاة، قد سمّاه الله في كتابه صلاةً


١ انظر: صحيح البخاري (رقم:١٠٢٤) .
٢ انظر: نقض التأسيس لابن تيمية (٢/٤٥٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>