للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه القصَّةُ العظيمةُ الرائعةُ دالةٌ على جواز الدعاءِ للوالدين إذا كانا مشركَيْن بالهدايةِ، وأهميَّةِ ذلك وعِظمِ فائدته، وينبغي له أن يجمع لهما بين الدعاء والدعوة، كما فعل أبو هريرة رضي الله عنه مع أمِّه رضي الله عنها، فقد كان يُكثر من دعوتها إلى الإسلام، والدعاءِ لها بالهداية والتوفيق، ثمَّ إنَّه رضي الله عنه كان يُكثر من الدعاءِ لَها ـ بعد هدايتها ـ بالرحمة والمغفرة.

روى البخاري في الأدب المفرد عن أبي مرَّة مولى أمِّ هانئ بنت أبي طالب: أنَّه ركب مع أبي هريرة إلى أرضه بالعقيق، فإذا دخل أرضَه صاح بأعلى صوتِه: عليكِ السلامُ ورحمةُ الله وبركاتُه يا أمَّتاه، تقول: وعليكَ السلام ورحمة الله وبركاته، يقول: رَحمَكِ الله كما ربَّيتنِي صغيراً، فتقول: يا بُني، وأنت جزاك الله خيراً ورضي عنك كما بررتني كبيراً "١.

وروى أيضاً عن محمد بن سيرين قال: " كنَّا عند أبي هريرة ليلة فقال: اللَّهمَّ اغفر لأبي هريرة ولأمِّي، ولِمَن استغفر لهما، قال محمد بن سيرين: فنحن نستغفر لهما حتى ندخل في دعوة أبي هريرة "٢.

ودعاء الولدِ لوالديه ينفعهما بعد موتهما حيث ينقطع عملُهما في


١ الأدب المفرد (رقم:١٤) ، وحسنه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الأدب المفرد (رقم:١١) .
٢ الأدب المفرد (رقم:٣٧) ، وصححه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الأدب المفرد (رقم:٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>