للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومناصحة ولاة الأمور، ولزوم جماعة المسلمين، فإنَّ دعوتَهم تحيط من ورائهم "١.

وما مِن ريبٍ أنَّ من النصحِ لولاةِ أمر المسلمين الدعاءَ لهم بالتوفيق والسدادِ والصلاحِ والمعافاةِ، فهُم أوْلَى مَن يُدعى له بذلك؛ لأنَّ صلاحَهم صلاحٌ للأمَّة، وسدادَهم نفعُه عائدٌ عليهم وعلى المسلمين، فالدعاءُ لهم من أهمِّ الدعاءِ وأكثرِه عائدة ونفعاً، ولهذا قال الإمام الفُضيلُ بنُ عياض رحمه الله: " لو كانت لي دعوةٌ مستجابةٌ لَم أجعلها إلاَّ في إمام؛ لأنَّه إذا صلح الإمامُ أمن البلاد والعباد "٢.

وهذا من تمام فقهه وحسنِ فهمِه، ولهذا قال عبد الله بن المبارك رحمه الله معلِّقاً على كلمته هذه: " يا معلِّم الخير من يجتري على هذا غيرُك ".

يقصِد أنَّ الفضيلَ لَم يُرِد أن يخصَّ نفسَه بالدعوة المستجابة لو كانت له، بل أراد أن يجعلها لِمَن يعمُّ نفعُه إذا صلُح وهو السلطان.

وقد نُقل أيضاً عن الإمام أحمد رحمه الله نحوُ كلمة الفضيل المتقدِّمة، قال أبو بكر المروزي: سمعتُ أبا عبد الله ـ يعني أحمدَ بنَ حنبل ـ وذَكَر المتوكِّلَ رحمه الله فقال: إنِّي لأدعو له بالصلاحِ والعافية "٣.


١ سنن الترمذي (رقم:٢٦٥٨) ، وسنن ابن ماجه (رقم:٢٣٠) ، وصححه العلامة الألباني رحمه الله في صحيح الجامع (رقم:٦٧٦٦) .
٢ رواه أبو نعيم في الحلية (٨/٩١) ، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (١/١٩٧) .
٣ رواه الخلال في السنة (رقم:١٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>