للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستقبل من نفسه وسيِّئات أعماله.

وأيضاً فإنَّ المذنبَ بمنزلةِ مَن ركب طريقاً تؤدِّيه إلى هلاكه، ولا توصله إلى المقصود، فهو مأمور أن يولِّيها ظهره، ويرجع إلى الطريقِ التي فيها نجاته، والتي توصله إلى مقصوده، وفيها فلاحه، فههنا أمران لا بدَّ منهما: مفارقة شيء والرجوع إلى غيره، فخُصَّت التوبةُ بالرجوعِ، والاستغفارُ بالمفارقةِ ... "١.

أمَّا إذا أُفردت التوبةُ بالذِّكر أو أُفرد الاستغفار، فإنَّ كلَّ واحدٍ منهما يتناول معنى الآخر.

والاستغفار له شأنٌ عظيم ومكانةٌ عاليةٌ، فهو كما بيَّن شيخ الإسلام " يُخرج العبدَ من الفعلِ المكروه إلى الفِعلِ المحبوبِ، ومن العمل الناقصِ إلى العمل التامِّ، ويرفعُ العبدَ من المقام الأدنى إلى الأعلى منه والأكمل، فإنَّ العابدَ لله، والعارفَ بالله في كلِّ يوم، بل في كلِّ ساعة، بل في كلِّ لحظة يزدادُ علماً بالله وبصيرةً في دينه وعبوديَّتِه، بحيث يجدُ ذلك في طعامه وشرابه ونومِه ويَقَظتِه وقولِه وفعلِه، ويرى تقصيرَه في حضورِ قلبِه في المقامات العالية وإعطائِها حقّها، فهو يحتاج إلى الاستغفار آناء الليل وأطراف النهار، بل هو مضطَّرٌ إليه دائماً في الأقوال والأحوال، في الغوائب والمشاهد؛ لِما فيه من المصالحِ وجلب الخيرات ودفعِ المضرَّات، وطلب الزيادة في القوة في الأعمال القلبية والبدنية اليقينية الإيمانية "٢.


١ مدارج السالكين لابن القيم (١/٣٠٨) .
٢ مجموع الفتاوى لابن تيمية (١١/٦٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>