للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما يصيبُ من الذنوب والمعاصي، ثم سأله سبحانه المغفرةَ مِن ذلك كلِّه، معترفاً بأنَّه لا يغفرُ الذنوبَ سواه سبحانه.

وهذا أكملُ ما يكون في الدُّعاء، ولهذا كان أعظمَ صِيغ الاستغفار وأفضلَها وأجمعَها للمعاني الموجبة لغفران الذنوب.

وقوله في أول هذا الدعاء "اللَّهمَّ" هي بمعنى يا الله، حذف منها ياءَ النداء وعوض عنها بالميم المشددة، ولهذا لا يجوز الجمع بينهما؛ لأنَّه لا يجمع بين العِوَض والمعوَّض عنه، ولا تستعمل هذه الكلمة إلاَّ في الطلب، فلا يقال: اللَّهم غفور رحيم، وإنَّما يقال: اللَّهم اغفر لي وارحمني ونحو ذلك.

وقوله: "أنتَ ربِّي لا إلَه إلاَّ أنت خلقتَنِي وأنا عبدُك" فيه تذَلُّلٌ وخضوعٌ، وانكسارٌ بين يدي الله، وإيمان بوحدانيته سبحانه في ربوبيَّتِه وألوهيته، فقوله: "أنت ربِّي" أي: ليس لي ربٌّ ولا خالق سواك، والربُّ هو المالك الخالقُ الرازقُ المدبِّر لشؤون خلقه، فهذا إقرارٌ بتوحيد الربوبية، ولهذا أعقبه بقوله "خلقتنِي" أي: أنت ربِّي الذي خلقتنِي ليس لي خالقٌ سِواك.

وقوله: "لا إله إلاَّ أنت" أي: لا معبود بحقٍّ سواك، فأنت وحدك المستحق للعبادة، وهذا تحقيقٌ لتوحيد الألوهية؛ ولهذا أعقَبَه بقوله "وأنا عبدك" أي: وأنا عابدٌ لك، فأنت المعبودُ بحقٍّ ولا معبودَ بحقٍّ سواك.

وقوله: "وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت" أي: وأنا على ما عاهدتُك عليه وواعدتُك من الإيمان بك والقيام بطاعتك وامتثال أوامرك، "ما استطعت" أي: على قَدْر استطاعتِي، فإنَّه سبحانه لا يكلِّف نفساً إلاَّ وُسْعَها.

<<  <  ج: ص:  >  >>