للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحصيل هذه الأهداف الثلاثة وتكميلها، ونيلها من أقرب وجه وأحسن طريق.

وعلى هذا فما أجملَ أن يُفتتح اليومُ بذكر هذه الأمور الثلاثة التي تحدد أهداف المسلم في يومه وتعيِّن غاياتِه ومقاصدَه.

وليس المسلم في إتيانه بهذا الدعاء في مفتتح يومه يقصد تحديد أهدافه فحسب، بل هو يتضَرَّعُ إلى ربِّه، ويلجأ إلى سيِّده ومولاه، بأن يَمُنَّ عليه بتحصيل هذه المقاصد العظيمة والأهداف النبيلة؛ إذ لا حول له ولا قوة، ولا قدرة عنده على جَلب نفع أو دَفع ضُرٍّ إلاَّ بإذن ربِّه سبحانه، فهو إليه يلجأ، وبه يستعين، وعليه يعتمد ويتوكل.

فقول المسلم في كلِّ صباح "اللَّهمَّ إني أسألك علماً نافعا ورزقاً طيِّباً، وعملاً متقبَّلاً" هو استعانةٌ منه في صباحه وأوَّل يومه بربِّه سبحانه بأن ييسر له العسير، ويذلِّل له الصِّعابَ، ويعينه على تحقيق غاياته المباركة الحميدة.

وتأمَّل كيف بدأ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هذا الدعاءَ بسؤال الله العلم النافع، قبل سؤاله الرِّزق الطيب والعمل المتقبَّل، وفي هذا إشارة إلى أنَّ العلمَ النافع مقدَّمٌ وبه يبدأ، كما قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} ١، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل، وفي البدء بالعلم النافع حكمةٌ ظاهرة لا تخفى على المتأمل، ألا وهي أنَّ العلم النافع به يستطيع المرءُ أن يميز بين العمل الصالح وغير الصالح، ويستطيع أن يميز بين الرزق الطيب وغير الطيب، ومن لَم يكن على علم فإنَّ الأمور قد تختلط عليه فيقوم بالعمل يحسبه صالحاً نافعاً، وهو ليس كذلك، والله تعالى يقول: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا


١ سورة: محمد، الآية (١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>