للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مواهبه، وسعة إحسانه، وكريم أياديه، وهو سبحانه أهلُ الحمد والثناء.

وقوله: "وَكَفَانَا" من الكفاية أي: دفع عنّا شرَّ المؤذيات ووقانا أذى الغوائل والعاديات، وقيل: معناه كفانا مُهِمَّاتنا وقضى لنا حاجاتِنا، ولا مانع من أن يكون كلا المعنيين مراداً، إذ كلٌّ منهما داخلٌ في معنى الكفاية مندرجٌ تحت مدلولها.

وقوله: "وآوَانَا" أي: هيَّأ لنا مأوى نأوي إليه، ورزقنا مسكناً نسكن فيه، وردَّنا إلى المنْزل لنستريح فيه، ولم يجعلنا منتشرين كالبهائم بلا مسكنٍ ولا مأوى، قال الله تعالى مُمْتَنًّا على عباده بهذه النِّعمة {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً} ١ أي: تسكنون فيها، وتُكنُّكم من الحرِّ والبرد، وتستركم من الأعين، وتجتمعون فيها أنتم ومن تعولون، وفيها من المصالح والمنافع ما لا يمكن الإحاطةُ به، فالحمدُ لله الذي منَّ فأفضل وأعطى فأجزل، له الحمد حمداً كثيراً طيِّباً مباركاً فيه كما يحب سبحانه ويرضى.

ومن الأوراد المأثورة عند النوم ما ثبت في الصحيحين عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنَّ فاطمةَ رضي الله عنها أتت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تسأله خادماً فقال: "ألا أخبركِ ما هو خيرٌ لك منه: تُسبِّحين اللهَ عند منامِك ثلاثاً وثلاثين، وتحمدين اللهَ ثلاثاً وثلاثين، وتكبِّرين اللهَ أربعاً وثلاثين" قال عليٌّ رضي الله عنه: "فما تركتُها بعدُ" قيل: ولا ليلةَ صفِّين؟ قال: "ولا ليلةَ صفِّين"٢.

فهذه فاطمةُ بنتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها تشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تقاسيه من الطحن والسقي والخدمة، وتسألُه أن يعطيها خادماً (والخادم


١ سورة: النحل، الآية (٨٠) .
٢ صحيح البخاري (رقم:٥٣٦٢) وصحيح مسلم (رقم:٢٧٢٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>