للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قوله: اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، عند الدخول، واللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ، عند الخروج حكمة، فقيل: لعلَّ ذلك لأنَّ الداخلَ طالبٌ للآخرة، والرَّحمةُ أخصُّ مطلوبٍ له، والخارجُ طالبٌ للمعاش في الدنيا وهو المراد بالفضل، وقد أشار إلى ذلك قولُه تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} ١، وقيل: لأنَّ مَن دخل المسجد فإنَّه ينشغل بما يقربه إلى الله ونيل ثوابه وجنَّته فناسبَ ذكرُ الرحمة، وإذا خرج من المسجد انتشر في الأرض ابتغاء فضل الله لرزقه الطيب والحلال فناسب ذكرُ الفضل٢، والله أعلم.

وقد دلَّت النصوصُ المتقدِّمة على أهميَّة التعوُّذ بالله من الشيطان الرجيم والالتجاء إلى الله عزَّ وجلَّ منه سواء عند دخول المسجد أو عند الخروج منه، وفي الدخول يقول كما في حديث عبد الله بن عَمرو المتقدّم: "أَعُوذُ بِاللهِ العَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الكِرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ القَدِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ"، وأنَّ العبدَ إذا قال ذلك قال الشيطان: حُفظ منِّي سائر اليوم، أي جميعه.

وفي الخروج يقول كما في حديث أبي هريرة المتقدِّم: "اللَّهمَّ اعصمني من الشيطان".

وما مِن شكٍّ أنَّ الشيطان حريصٌ على الإنسان غاية الحرص عند دخول المسجد ليَصدّه عن صلاته، وليفوت عليه خيرها، وليقلل حظّه ونصيبه من الرحمة التي تنال بها، وحريص غاية الحرص على الإنسان عند خروجه من المسجد ليسوقه إلى أماكن الحرام وليوقعه في مواطن الريب، وقد صحَّ في


١ سورة: الجمعة، الآية (١٠) .
٢ انظر: شرح الأذكار لابن علاَّن (٢/٤٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>