للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعده النوعُ الثالث، كقوله: (اللَّهمَّ باعِد بينِي وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ... الخ) ... ". اهـ كلامه رحمه الله١.

وكان رحمه الله قد قرَّر في مواضع من مؤلفاته قاعدةً نافعةً تتعلَّق بالعبادات التي جاءت في الشريعة على أنواع، وهي أنَّها تُفعل على جميع تلك الأنواع الواردة، قال رحمه الله: "قد تقدَّم القولُ في مواضعَ أنَّ العبادات التي فعلها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم على أنواعٍ يُشرَع فعلُها على جميع تلك الأنواع، لا يكره منها شيء، وذلك مثلُ أنواع التشهدات، وأنواع الاستفتاح، ومثل الوتر أول الليل وآخرَه، ومثلُ الجهر بالقراءة في قيام الليل والمخافتة، وأنواع القراءات التي أُنزل القرآن عليها، والتكبير في العيد، ومثلُ الترجيع في الأذان وتركه، ومثلُ إفراد الإقامة وتثنيتها ... ثم ذكر رحمه الله أنَّ الكلامَ في هذه المسألة من مقامَين:

أحدهما: في جواز تلك الوجوه كلِّها بلا كراهة، والمقامُ الثاني: هو أنَّ ما فعله النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم من أنواعٍ متنوِّعة، وإنْ قيل إنَّ بعضَ تلك الأنواع أفضلُ، فالاقتداءُ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في أن يُفعل هذا تارةً وهذا تارة أفضلُ من لزوم أحد الأمرين وهجر الآخر، وذلك أنَّ أفضلَ الهدي هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يكن يُداومُ على استفتاح واحد قطعاً"٢.

وقال رحمه الله: "ونحن إذا قلنا التنوُّعُ في هذه الأذكار أفضلُ، فهو أيضاً تفضيلٌ لجِنس التنوُّع، والمفضولُ قد يكون أنفعَ لبعض الناس لمناسبته له لأنَّ انتفاعَه به أتمُّ، وهذه حالُ أكثر الناس، قد ينتفعون بالمفضول لمناسبته


١ مجموع الفتاوى (٢٢/٣٩٤ ـ ٣٩٥) .
٢ انظر: مجموع الفتاوى (٢٢/٣٣٦ ـ ٣٤٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>