المَنْجَى، وإليه المَلْجَأ، وبها الاستعاذة من شر ما هو كائن بمشيئته وقدرته، فالإعاذة فعله والمستعاذ منه فعله أو مفعوله الذي خلقه بمشيئته، وهذا كلُّه تحقيقٌ للتوحيد والقدر، وأنه لا ربَّ غيره، ولا خالق سواه، ولا يملك المخلوق لنفسه ولا لغيره ضرًّا ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، بل الأمر كلُّه لله، ليس لأحد سواه منه شيء.
وقوله في ختام هذا الدعاء:"لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك" فيه الاعترافُ بأنَّ شأنَ الله سبحانه وعظمتَه وكمالَ أسمائه وصفاته أعظمُ وأجَلُّ من أن يُحصيها أحدٌ من الخلق، أو يبلغ أحد حقيقةَ الثناء عليه غيره سبحانه.
ومن أدعية السجود كذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه:"أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجِلَّهُ، أَوَّلَهَ وَآخِرَهُ، وَعَلاَنِيَتَهُ وَسِرَّهُ" ١.
وقوله:"ذنبي كله" أي: ذنوبي جميعَها، فإنَّ المُفرد إذا أضيف يَعُمُّ، ثم إنَّ هذا التعميم والشمولَ في هذا الدعاء ليأتي طلب الغفران على جميع ذنوب العبد ما علمه منها وما لَم يعلمه، لا سيما والمقامُ مقام دعاء وتضرع وإظهار العبودية والافتقار، فناسب ذكرَ الأنواع التي يتوب العبد منها تفصيلاً؛ ولهذا قال:"دقَّه وجلَّه، أوَّلَه وآخرَه، وعلانيتَه وسرَّه" وهذا أبلغُ وأحسنُ من الإيجاز والاختصار.
ثمَّ إنَّ بين السَّجدَتين ركناً لا بدَّ منه في الصلاة، وهو الجلسة بين السجدتين، وقد شُرع فيه من الدعاء ما يليق به ويُناسبه، وهو سؤالُ العبد