للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "ومن فتنة المحيا والممات" أي الحياة والموت، والمراد التعوذ من جميع فتن الدارين؛ في الحياة من كلِّ ما يَضُرُّ بدين الإنسان أو بدنه أو دنياه، وفي الموت من شدائده وما يكون بعده من أهوال.

وقوله: "ومن فتنة المسيح الدجال" المسيح الدجَّال هو منبع من منابع الكفر والضلال، ومصدر من مصادر الفتن والأوجال، يكون خروجه على الناس آخر الزمان، وهو شرط من أشراط الساعة، سُمِّي مسيحاً؛ لأنَّ إحدى عينيه مَمسوحة، فهو أعور عينه اليمنى، وسُمِّيَ دجَّالاً من الدَّجل وهو الكذب، وفتنة خروجه من أعظم الفتن، وما من نَبِيٍّ بعثه الله إلاَّ حذَّر منه قومه وأنذر.

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلاَةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأَعُوذ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَجَّالِ، وَأَعُوذ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا، وَفِتْنَةِ المَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرَمِ. فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذ مِنَ المَغْرَمِ فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ "١.

والمأثم: هو الأمر الذي يأثم به الإنسان من جميع المعاصي والذنوب، والمغرَم: ما يلزم الإنسان أداؤه بسبب جناية أو معاملة أو نحو ذلك، فالمأثم إشارة إلى حقِّ الله، والمغرم: إشارة إلى حق العباد.

ومن الأدعية في هذا المقام ما رواه مسلم في صحيحه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في حديث طويل: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ مِنْ آخَرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا


١ صحيح البخاري (رقم:٨٣٣) وصحيح مسلم (رقم:٥٨٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>