للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ} ١) .

وقوله: "وأسألك قرَّة عين لا تنقطع" قرة العين من جملة النعيم، والنعيم منه ما هو منقطع ومنه ما لا ينقطع، ومن قرَّت عينه بالدنيا فقرة عينه منقطعة وسروره فيها زائلٌ، وهو مع ذلك مَشُوبٌ بالخوف من الفواجع والمنغِّصات، ولهذا فإنَّ المؤمن لا تقرُّ عينُه في الدنيا إلاَّ بمحبة الله وذكره والمحافظة على طاعته، كما قال صلى الله عليه وسلم: "وجُعلَت قرَّةُ عينِي في الصلاة"٢ ومَن حصلت له قرَّة العين بهذا فقد حصلت له قرَّةُ العين التي لا تنقطع في الدنيا ولا في البرزخ ولا في الآخرة.

وقوله: "وأسألك الرِّضا بعد القضاء" سأل الرضا بعد القضاء؛ لأنَّه حينئذ تبيَّن حقيقة الرِّضا، وأما الرِّضا قبل القضاء فإنَّه عزمٌ من العبد على الرضا، وإنَّما يتحقَّق الرضا إذا وقع القضاء.

وقوله: "وأسألك بَردَ العيش بعد الموت" وهذا يدلُّ على أنَّ العيشَ وطيبَه وبرده إنَّما يكون بعد الموت، فإنَّ العيش قبل الموت منغِّصٌ، ولو لَم يكن له منغِّصٌ غير الموت لكفى، فكيف وله منغِّصات كثيرة من الهموم والغموم والأسقام والهرم ومفارقة الأحبة وغير ذلك.

وقوله: "وأسألك لذَّةَ النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك، في غير ضرَّاء مضرة ولا فتنة مضلة" وهذا قد جمع فيه بين أطيب شيء في الدنيا وهو الشوق إلى لقاء الله سبحانه، وأطيب شيء في الآخرة وهو النَّظر إلى


١ سورة: ص، الآية (٥٤) .
٢ سنن النسائي (رقم:٣٨٧٩) ، وصحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع (رقم:٣٠٩٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>