للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصحيفةَ، ثم قدمَ الذي كان أسلَفَه فأتى بالألف دينار، فقال: والله ما زلتُ جاهداً في طَلَب مركبٍ لآتيكَ بمالك فما وجدتُ مركباً قبل الذي أتيتُ فيه، قال: هل كنتَ بعثتَ إليَّ بشيء قال: أُخبرُك أنِّي لَم أجد مركباً قبل الذي جئتُ فيه، قال: فإنَّ الله قد أدَّى عنكَ الذي بعثتَ في الخشبة، فانصرفْ بالألف الدينار راشداً"١.

فهذه قصَّةٌ عجيبة ذكرَها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن هذا الرَّجل من بني إسرائيل؛ لنَتَّعظَ بها ونعتَبِرَ، ولنعلمَ كمالَ قدرة الله، وتمامَ عونه، وحسنَ كفايته لعبده، إذا أحسن الالتجاءَ إليه، وصَدَقَ في الاعتماد عليه، وتأمَّل كمالَ التوفيق حيث لَم تقع هذه الخشبةُ المشتملةُ على المال إلاَّ في يد صاحبه، فتبارك الله العليمُ القدير.

ولا ينبغي للمسلم أن يستهينَ بأمر الدَّين أو يُقلِّلَ من شأنه أو يتهاونَ في سداده، فقد ورد في السُّنَّة أحاديثُ عديدة تفيد خطورة ذلك، وتدلُّ على أنَّ نفسَ المؤمن معلقةٌ بالدَّين، وأنَّ الميتَ محبوسٌ بدَيْنِه حتى يُقْضَى عنه.

روى الإمام أحمد عن سَعد بن الأطول رضي الله عنه قال: مات أخي وترك ثلاثَ مائة دينار، وترك فيه ولداً صغاراً، فأردتُ أن أنفقَ عليه، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أخاك محبوسٌ بدَيْنه فاذهب فاقضِ عنه" قال: فذهبتُ فقضيتُ عنه ثم جئتُ فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قضيتُ عنه، ولم يبقَ إلاَّ امرأة تَدَّعِي دينارين، وليست لها بيِّنة، قال: "أَعطِهَا، فإنَّها صادقة"٢.


١ صحيح البخاري (رقم:٢٢٩١) .
٢ مسند أحمد (٤/١٣٦) ، وصحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الترغيب (رقم:١٥٥٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>