للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ: أَعُوذ بِاللهِ مِنْكَ، ثُمَّ قَالَ: أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللهِ ثَلاَثاً، وَبَسَطَ يَدَهَ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئاً، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلاَةِ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ فِي الصَّلاَةِ شَيْئاً لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَرَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ قَالَ: إِنَّ عَدُوَّ اللهِ إِبْلِيسَ جَاءَ بِشِهَابٍ مِنْ نَارٍ لِيَجْعَلَهُ فِي وَجْهِي، فَقُلْتُ: أَعُوذ بِاللهِ مِنْكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قُلْتُ: أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللهِ التَّامَّةِ، فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ، وَاللهِ لَوْلاَ دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيْمَانَ لأَصْبَحَ مُوثَقاً يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ المَدِينَةِ "١.

وروى أيضاً عن عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه: "أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلاَتِي وَقِرَاءَتِي يَلْبِسُهَا عَلَيَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خِنْزَبٌ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْهُ وَاتْفُلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلاَثاً. قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللهُ عَنِّي "٢.

وقوله: "يلبسُها عليَّ" أي: يَخلطها علي ويُشَكِّكُنِي فيها.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ وَلْيَنْتَهِ"٣.

فهذه النصوصُ ظاهرةُ الدلالة على عِظم شأن الاستعاذة، وأنها تطرُدُ الشيطانَ وتقي العبدَ منه، ويسلمُ بها من كيده ووساوسه وشرِّه.

ومِمَّا يطردُ الشيطانَ الأذانُ، فإنَّ الشيطانَ إذا سمعَه ولَّى وأدْبَر، ففي


١ صحيح مسلم (رقم:٥٤٢) .
٢ صحيح مسلم (رقم:٢٢٠٣) .
٣ صحيح البخاري (رقم:٣٢٧٦) ، وصحيح مسلم (رقم:١٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>