للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعملَ بها ويأمرَ بني إسرائيل أن يَعملوا بها، وإنَّه كاد أن يُبْطئَ بها فقال له عيسى عليه السلام: إنَّ الله أمرَكَ بخمس كلمات لتعملَ بها وتأمرَ بني إسرائيل أن يعملوا بها، فإمَّا أن تأمرَهم وإمَّا أن آمرَهم، فقال يحيى: أخشى إن سبقتني أن يُخسفَ بي أو أُعذَّب، فجمعَ الناس في بيت المقدس، فامتلأ المسجد، وقعدوا على الشُّرَف، فقال: إنَّ الله أمرني بخمس كلمات أن أعملَ بهنَّ وآمرَكم أن تعملوا بهن ..." فذكر أمرهم بالتوحيد، والصلاة، والصيام، والصدقة ثم ذكر الكلمة الخامسة، فقال: "وآمرُكم أن تذكروا الله، فإنَّ مثل ذلك كمثل رجل خرج العدوُّ في أثره سراعاً، حتى إذا أتى على حصن حصين، فأحرز نفسَه منهم، كذلك العبد لا يحرزُ نفسَه من الشيطان إلاَّ بذكر الله ..."١.

وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استجنَح الليلُ أو كان جُنح اللَّيل، فكُفُّوا صبيانكم، فإنَّ الشياطينَ تنتَشر حينئذ، فإذا ذهبَ ساعةٌ من العشاء فخَلُّوهم، وأغلقْ بابَك واذكر اسمَ الله، وأطفئْ مصباحَك واذكر اسمَ الله، وأَوْك سقاءَك واذكر اسم الله، وخَمِّر إناءَك واذكر اسمَ الله، ولو تَعْرُضُ عليه شيئاً" ٢.

فالمسلمُ إذا كان ذاكراً ربه في كلِّ أحايينه فإنَّه يَسلم من أذى الشيطان ومن أن يَحضرَه، فلا يخلصُ إليه لا وسوسةً ولا حضوراً للمكان الذي هو فيه، كما تقدَّم في قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ


١ سنن الترمذي (رقم:٢٨٦٣) ، ومسند أحمد (٤/١٣٠) ، وصحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع (رقم:١٧٢٤) .
٢ صحيح مسلم (رقم:٢٠١٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>