للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومِمَّا يُقال في الصلاة على الجنازة ما رواه أحمد وابن ماجه وغيرُهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جَنَازَةٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِسْلاَمِ، وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإِيمَانِ، اللَّهُمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلاَ تُضِلَّنَا بَعْدَهُ"١.

وهو دعاءٌ عظيمٌ شمل الميِّت المصلَّى عليه وغيرَه من المسلمين الأحياء منهم والأموات، والصغار والكبار، والذكور والإناث، والشاهد منهم والغائب؛ لأنَّ الجميعَ مشتركون في الحاجة بل الضرورة إلى مغفرة الله وعفوه ورحمته، ومن دعا بهذه الدعوة فله بكلِّ واحد من المسلمين والمسلمات المتقدِّمين منهم والمتأخرين حسنة، لِما ثبت في المعجم الكبير للطبراني بإسناد حسن عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن استَغْفَرَ للمؤمنين والمؤمنات كَتَبَ اللهُ له بكلِّ مُؤمنٍ ومُؤمنةٍ حَسَنَةً"٢.

وقوله: "اللَّهمَّ مَن أحييته منَّا فأحيه على الإسلام ومن توفَّيته فتوفَّه على الإيمان" فذكر الإسلام في الحياة والإيمان عند الممات، وذلك أنَّ الإسلام إذا قُرن بالإيمان يُراد به الشرائع العملية الظاهرة، ويُراد بالإيمان الاعتقاداتُ الباطنة، ولهذا ناسب في الحياة أن يذكر الإسلام؛ لأنَّ الإنسان ما دام حيًّا فلديه مجال وفسحة للعمل والتعبُّد، وأمَّا عند الممات فلا مجال لذلك، بل لا مجال إلاَّ للموت على الاعتقاد الصحيح والإيمان السليم بتوفيق من الله، ولهذا قال: "ومن توفيته فتوفه على الإيمان".


١ مسند أحمد (٢/٣٦٨) ، وسنن ابن ماجه (رقم:١٤٩٨) ، وصحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح ابن ماجه (رقم:١٢١٧) .
٢ مجمع الزوائد (١٠/٢١٠) ، وحسَّنه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع (رقم:٦٠٢٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>