للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلّها مربوبةٌ لله مسخَّرة بأمره خاضعة لحكمه، وفي هذا ردٌّ على من عبدها من دون الله {لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} ١.

ثمَّ إنَّ الحديثَ فيه فوائد كثيرة أشير إلى شيء منها.

فمن فوائد الحديث أنَّ فيه بياناً للفرق بين الإيمان والإسلام وأنَّهما ليسا شيئاً واحداً عندما يجتمعان في الذِّكر، بل لكلِّ واحد منهما معنى خاص، فالإيمان يُراد به الاعتقادات الباطنة، والإسلام يُراد به الأعمال الظاهرة، أمَّا عند إفراد كلِّ واحد منهما بالذِّكر فإنَّه يكون متناولاً لمعنى الآخر.

ومن فوائد الحديث أنَّ الأمنَ مرتبطٌ بالإيمان، والسلامةَ مرتبطةٌ بالإسلام، فالإيمان طريق الأمان، والإسلام طريق السلامة، ومن رام الأمن والسلامة بغيرهما ضلَّ، والله تعالى يقول: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} ٢.

ومن فوائد الحديث أنَّ فيه لفتةً كريمةً إلى أنَّ أهمَّ ما تُشغل به الشهور وتُمضى فيه الأوقات هو الإيمانُ بالله وبما أمر عباده بالإيمان به، والاستسلامُ له سبحانه في كلِّ أحكامه وجميع أوامره.

ومرور الشهور على العبد مع الانشغال عن هذا المقصد الجليل ضياعٌ للشهور وحرمان من الخير، فالشهور لَم تُخلق ولم توجد إلاَّ لتكون مستودعاً للإيمان والأعمال، وهذا إنَّما ينجلي أمره للناس عندما يقفون يوم القيامة بين


١ سورة: فصلت، الآية (٣٧) .
٢ سورة: الأنعام، الآية (٨٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>