فإنَّه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرًّا فضلاً عن أن يملك شيئاً من ذلك لغيره.
وقوله:"أعوذ بكلمات الله التامَّات" أي: ألْتجئُ وأعتصمُ، وكلماتُ الله قيل: هي القرآن، وقيل هي الكلمات الكونية القدرية، ومعنى "التامَّات" أي التي لا يلحقُها نقصٌ، ولا عيْبٌ كما يلحقُ كلامَ البشر.
وفي الحديث دلالةٌ على مشروعية الاستعاذة بصفات الله، وأنَّ الاستعاذة عبادةٌ لا يجوز صرفُها لغير الله، وأنَّ كلامَ الله ومنه القرآن ليس بمخلوق، إذ لو كان مخلوقاً لَم يستعذ به؛ لأنَّ الاستعاذة بالمخلوق لا تجوز بل هي شركٌ بالله العظيم.
وقولُه:"من شرِّ ما خلق" أي: من كلِّ شرٍّ في أيِّ مخلوقٍ قام به الشرُّ من حيوانٍ أو غيرِه، إنسياًّ كان أو جنياًّ، أو هامَّةً أو دابَّةً، أو ريحاً أو صاعقةً، أيَّ نوعٍ من أنواع البلاء.
وقولُه:"لَم يضره شيٌ حتَّى يرتحل من مَنْزله ذلك" أيَّ شيءٍ كان؛ لأنَّه محفوظٌ بحفظ الله. لكن يُشترط في هذا الدعاء وغيره قابليَّةُ المحلِّ، وصحَّةُ النيَّة، وحسنُ الثقة بالله عزَّ وجلَّ، والحرصُ على المواظبة عليه في كلِّ منزلٍ ينزلُه الإنسانُ.
يقول القرطبي رحمه الله:"هذا خبرٌ صحيحٌ وقولٌ صادقٌ، علِمنا صدقَه دليلاً وتجربةً، فإنِّي منذ سمعتُ هذا الخبر عملتُ عليه فلم يضرَّني شيءٌ إلى أن تركتُه فلدغتْني عقربٌ بالمهدية ليلاً، فتفكَّرتُ في نفسي فإذا بي قد نسيتُ أن أتعوَّذ بتلك الكلمات"١.
١ ذكره الشيخ سليمان بن عبد الله في تيسير العزيز الحميد (ص:٢١٤) .