للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ إنَّ الشيطانَ أعاذنا الله منه يتمكَّنُ من الإنسان حالَ غضبه، فيدفعه إلى ارتكاب الآثام، ويأزُّه إلى السبِّ والأذى والإجرام، فإذا استعاذ المسلمُ بالله حُفظ منه ووُقي من شرِّه.

ومِمَّا أرشد النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الغضبانَ إلى فعله التباعدَ عن كلِّ ما يستثيرُه ويُقربه من الانتقام، سواءً بالقول أم الفعل.

فأمَّا القولُ فقد روى الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "إذا غَضِبَ أحدُكم فليَسْكُت"، قالها ثلاثاً١.

وذلك أنَّ الغضبانَ إن تكلَّم حالَ غضبه فإنَّ الغالبَ على كلامه التعدِّي والإساءة، فمن الخير له أن يَكفَّ عن الكلام حال الغضب حتى يسكن، فإذا سكن اتَّزن كلامُه وحسن حديثُه، وكان كلامُه في حال الغضب قريباً أو مساوياً لكلامه حال الرِّضا ليس فيه ظلم ولا عدوان.

ومن الدعوات النبوية المباركة قول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في دعائه: "وأسألك كلمة الحقِّ في الغضب والرِّضَا"٢، وهذا عزيز أن لا يقول الإنسانُ إلاَّ الحقَّ سواء غضبَ أو رضيَ.

وأمَّا الفعل فقد روى الإمام أحمد وأبو داود وغيرُهما من حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه: أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: " إذا غضب أحدُكم وهو قائمٌ فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلاَّ فليضطجع"٣.


١ المسند (١/٢٣٩) .
٢ جزء من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه، وقد تقدَّم.
٣ سنن أبي داود (رقم:٤٧٨٢) ، والمسند (٥/١٥٢) ، وصحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الجامع (رقم:٦٩٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>