للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكمال مع قدرته على فعل المفضول على وجه الكمال، إلى أن قال: وليس كلُّ ما كان أفضل يشرع لكلِّ أحد، بل كلُّ واحد يشرع له أن يفعل ما هو أفضل له، فمن الناس من تكون الصدقة أفضل له من الصيام وبالعكس، وإن كان جنس الصدقة أفضل، ومن الناس من يكون الحج أفضل له من الجهاد كالنساء وكمن يعجز عن الجهاد، وإن كان جنس الجهاد أفضل، ثم قال: إذا عُرف هذا فيقال: الأذكار المشروعة في أوقات متعيّنة، مثل ما يقال عند جواب المؤذّن هو أفضل من القراءة في تلك الحال، وكذلك ما سنّه النبي صلى الله عليه وسلم فيما يقال عند الصباح والمساء وإتيان المضطجع هو مقدّمٌ على غيره، وأما إذا قام من الليل فالقراءة له أفضل إذا أطاقها، وإلاّ فليعمل ما يطيق، والصلاةُ أفضل منهما، ولهذا نقلهم عند نسخ وجوب قيام الليل إلى القراءة فقال: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ الَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآنِ} ١") . اهـ.

وبهذا التحقيق الذي ذكره شيخ الإسلام رحمه الله يتبيّن القول الفصل في هذه المسألة العظيمة، فتلاوة القرآن الكريم هي أفضل الأذكار، ومقدَّمة على التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والدعاء والاستغفار وغير ذلك من الأدعية والأذكار، إلاّ أنَّ هناك حالات معيَّنة تقترن بالعمل الفاضل يكون بها أفضل من غيره، وقد أشار شيخ الإسلام في تحقيقه المتقدّم إلى أمثلة عديدة لذلك.


١ سورة المزّمّل، الآية: (٢٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>