للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير. عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: كان رجل يقال له: مرثد بن أبي مرثد (١) يحمل الأسرى من مكة حتى يأتي بهم المدينة، وكانت (٢) امرأة بغيّ بمكة يقال لها: عناق، وكانت صديقة له، فذهب مرثد ليحمل رجلا من أسراء مكة، فعرفته، فقالت: مرثد؟ قال: مرثد، قالت: مرحبا وأهلا، هلمّ فبت عندنا الليلة، قال: يا عناق، حرّم الله الزنا، قالت: يا أهل الخيام، هذا الرجل يحمل أسراكم، فتبعه (٣) ثمانية إلى غار، فعمّاهم الله عنه، ثمّ ذهب وحمل الرجل حتى قدم المدينة، فأتى رسول الله فقال: أنكح عناقا؟ فسكت رسول الله حتى نزلت الآية (٤).

وعن ابن عباس: أنّ المهاجرين لمّا قدموا المدينة نزل في صفّة مسجد رسول الله عليه السّلام أناس من المهاجرين، لم يكن لهم مساكن في المدينة ينزلون بها، ولا عشائر يأتونوهم، وكانوا نحوا من أربع مئة رجل يلتمسون (٥) الرزق بالنهار، فإذا أمسوا رجعوا إلى المسجد، فكانوا فيه، وكان المسلمون من أراد أن يأتيهم بشيء أتاهم به، وكان في المدينة بغايا يبغين بأنفسهنّ متعالمات بالفجور، لهنّ علامات كعلامات البياطرة، تصبن الطعام والشراب والكسوة، فقال أولئك الذين ليس لهم مساكن ولا عشائر من المهاجرين: لو أنّا تزوجنا من هؤلاء، فسكّنّنا معهنّ في منازلهن، وأصبنا من طعامهنّ وكسوتهنّ، فإذا ارتحلنا من المدينة خلينا سبيلهنّ، قال: فأتوا رسول الله فذكروا ذلك من شأنهم، فنزل فيها نهي عن البغايا المعروفات. (٦)

وعن ابن عباس قال: الزاني لا يجامع إلا زانية أو مشركة. (٧) وسئل ابن عباس عن رجل ألمّ بامرأة، فأتى منها ما حرّم الله، فرزقه الله تعالى من تلك توبة، فأراد أن يتزوّجها؟ فقال له ناس: {الزّانِي لا يَنْكِحُ إِلاّ زانِيَةً،} فقال ابن عباس: ليست هذه الآية في ذلك، انكحها، فما كان في ذلك من إثم فعليّ. (٨) وعن سعيد بن المسيب: أنّ الآية منسوخة بقوله (٩):

{وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ} [النور:٣٢]. (١٠)


(١) مرثد بن أبي مرثد، واسم أبيه كنّاز بنون ثقيلة، بن حصين بن يربوع الغنوي، صحابي بن صحابي، استشهد يوم الرجيع. ينظر: الطبقات الكبرى ٢/ ٥٥، ومن له رواية في الكتب الستة ٢/ ٢٥٠، والإصابة ٣/ ٣٩٨.
(٢) ساقطة من أ.
(٣) أ: تسعة.
(٤) ينظر: سنن الترمذي (٣١٧٧)، وسنن البيهقي ٧/ ١٥٣، والاستيعاب ٣/ ١٣٨٥.
(٥) أ: يلتثمون.
(٦) ينظر: تفسير البغوي ٦/ ٨ - ٩.
(٧) ينظر: تفسير الطبري ٩/ ٢٦٤، وتفسير السمعاني ٣/ ١٠٥، وتفسير البغوي ٦/ ٩، وابن كثير ٣/ ٣٥٢.
(٨) ينظر: ابن كثير ٣/ ٣٥٤.
(٩) ع: فقوله.
(١٠) ينظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس ٥٧٩، والناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز ١٧١، ونواسخ القرآن ١٩٧، المصفى في علم الناسخ والمنسوخ ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>