للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاجعل في أرضنا زرعا وينبوعا، وإنّها أرض ضيّقة جدبة، شديد (١) عيشها، بعيد ماؤها، وإلا فاعطنا مالا نتبعك عليه، فإنّ المال يفتن الناس عن دينهم، فاعطنا مالا لعلّنا نفتتن عن ديننا، ونتّبع دينك، فإن لم تستطع ذلك فاسند لنا إلى السماء سلّما نكلّم الله ثمّ نراه، أو ائتنا بالملائكة، إن كنت من الصادقين، وإلا فإنّا تقدمنا إليك بالمعذرة، وإن نراك فقيرا ضعيفا، إن تعد لمقالتك نهلكك (٢)، أفعجز الله أن يجعل في الأرض نبيّا من خيرته، أو يبعث من الملائكة من يصطفي، أو يختار رجلا من القريتين عظيما، إمّا من مكة وإمّا من الطائف؟ لقد جئت قومك بأمر عظيم، أجبنا يا ابن عبد المطلب، فقال رسول الله: إنّي آمنت بربّي وربّكم، لي عملي ولكم عملكم، أنتم بريؤون ممّا أعمل، وأنا بريء ممّا تعملون، ثمّ قال عبد الله بن أبي أميّة: با ابن عبد المطلب، أما تستطيع أن تأتي قومك بما يقولون لك؟ قال: لا، قال: فأتنا بالله والملائكة قبيلا حتى يشهدوا أنّك رسوله، فو الله لا أؤمن لك حتى تسند سلّما (٢٤٢ و) إلى السماء، ثمّ تصعد عليه وأنا أنظر، ثمّ تأتي بكتاب منشور من عند الله أقرؤه، وتأتي بأربعة من الملائكة يشهدون لك أنّه من الله، وايم الله أن لو فعلت لظننت أنّي لا أصدقك، ثمّ قال العاص بن وائل السهميّ وقريش معه: قد تعلم، يا محمد، أنّه لا بلاد أضيق من بلادنا، ولا أقلّ أنهارا أو زروعا، ولا أشدّ عيشا، فادع ربّك أن يسيّر عنّا هذه الجبال التي في أرضنا، فقد ضيّقت علينا لتنفسخ بلادنا، فنعرف فضلك عند ربّك، وابعث لنا من مضى من آبائنا لنسألهم عمّا تقول، فيصدّقوك أو يكذّبوك، وليكن ممّن يبعث لنا قصيّ بن كلاب، وإنّه كان شيخا صدوقا، وقد جئتنا بذكر الرحمن، ونحن لا نعرف إلا الله، فأمّا الرحمن فقد علمنا أنّه كذّاب باليمامة يعلّمك هذه الأحاديث، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الرحمن اسم من أسمائه (٣) كريم شريف، ولم أبعث بما سألتموني، وإنّما بعثت داعيا إلى الله، قالوا: فخذ لأهل بيتك بعض ما سألناك لنعرف فضلهم، أو فليكن لك جنّة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا، قال: لا أقدر على ذلك، وليس ذلك إليّ، قال: فخذ حذرك فإنّا نراك يصيبك من الزلازل ما يصيبنا، ونراك تمشي في الأسواق معنا، تبتغي من يسير العيش (٤)، فسل ربك أن يجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب، وليبعث معك من (٥) يصدّقك ويكلّمنا دونك، فقال رسول الله: ما ذاك إليّ، إنّما أدعو إلى الله عز وجل يصنع فيه ما يشاء، قالوا: يا محمد، إنّا ناظروك بسحرك هذا ثلاث ليال، ففكّر بينك وبين نفسك، فلا تبقينّ إلا عليها، إمّا أن نتّخذك لنا عدوّا، وإمّا أن نجعلك من المهلكين، وإمّا أن تأتينا بأمر شاف


(١) ك: شديدة.
(٢) الأصل: فهلكك.
(٣) أ: أسماء الله.
(٤) (في الأسواق معنا)، مكررة في ع.
(٥) ساقطة من ع وأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>