للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسبق العهد إليه بغير واسطة حيث قال: {وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ} [طه:١١٥]، وأنّ زلّته لم تقدح في نبوّته كما لم يقدح في نبوّة نوح سؤاله عمّا ليس له به علم، وفي نبوّة موسى سؤاله الرؤية، وفي نبوّة داود ما خطر بقلبه وفتن، وفي نبوّة نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم إذن القاعدين عن الجهاد، فعفا الله عنها. وإذا ثبتت نبوّته إليهم كانت أعظم دليل على فضله على الملائكة.

{قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ:} أي: قلت لكم، كقوله: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى} [الأعراف:١٧٢] (١)، فإن قيل: ثم متى قال (٢) لهم: {إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} قلنا: هذا الإطناب في إيجاز قوله: {إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ} (٣) [البقرة:٣٠].

{غَيْبَ السَّماواتِ:} مكنوناتها (٤).

{ما تُبْدُونَ:} تظهرون (٥).

{وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ:} تخفون وتسرّون (٦).

وإنّما لم يقل: (ما كنتم تبدون)، وقال (٧): (ما كنتم تكتمون)؛ لأنّه أراد إبداءهم العجز في الحال وكتمانهم من قبل كراهة الخليفة وحبّ (٨) المكث في الدّنيا (٨ ظ) على وجه الأرض، وقيل (٩): أراد به كتمان إبليس من قبل عزم العصيان والطّغيان والإنكار على ربّه، وقد يسند فعل الواحد إلى الجماعة مجازا، كقوله: {أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ} [يوسف:٧٠].

٣٤ - {وَإِذْ قُلْنا:} واو الاستئناف، أو لعطف (١٠) قصّة على قصّة.

و (إذ): صلة على قول أبي (١١) عبيدة، وظرف على قول غيره (١٢).


(١) ينظر: البحر المحيط ١/ ٢٩٩.
(٢) في ع: قيل.
(٣) (قلنا: هذا. . . ما لا تعلمون) ليس في ب.
(٤) ينظر: التبيان في تفسير القرآن ١/ ١٤٥.
(٥) تفسير الطبري ١/ ٣١٨.
(٦) ينظر: الوجيز ١/ ١٠٠.
(٧) في ك: فقال.
(٨) في الأصل وك: حب، والواو ساقطة.
(٩) ينظر: تفسير الطبري ٣١٨ - ٣٢٠، وتفسير القرآن الكريم ١/ ٣١٩، والتفسير الكبير ٢/ ٢١٠.
(١٠) في ع: العطف. وينظر: معاني القرآن وإعرابه ١/ ١١٢، والتبيان في إعراب القرآن ١/ ١٤٩، والبحر المحيط ١/ ٣٠١.
(١١) بعدها في ك: حنيفة، وهي مقحمة. وينظر: مجاز القرآن ١/ ٣٦ - ٣٧.
(١٢) ينظر: إعراب القرآن ١/ ٢٠٧، وتفسير القرطبي ١/ ٢٦٢ و ٢٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>