للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شراحيل بعد وفاة أمّ أيمن مولاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أو أسامة بن زيد (١)، وزيد هذا هو الذي ابتلاه الله تعالى بنفي نسبه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد ثبوته، وابتلاه الله بمزاجّة رسوله إيّاه وامرأته على ما سنذكره، وكان راضيا عن الله تعالى مطمئنا بقلبه على الإيمان، فعوّضه الله من مجاز النّسبة والمرأة الفاتنة ذكرا مخلّدا، وهو أن صرّح باسمه ووصفه بالجميل في كتابه المعجز، وهو حيّ مكلّف يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق، وهذه رتبة كانت مختصة برسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل ذلك، لم ينلها حمزة وعباس وعليّ، ولا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ولا فاطمة والحسن والحسين، ولا خديجة وعائشة وحفصة.

وسئل الزّهريّ: من أوّل من أسلم؟ قال: من النّساء خديجة، ومن الرّجال زيد بن حارثة. (٢)

وعن سليمان بن يسار قال: أوّل من أسلم زيد بن حارثة. (٣)

روي: أنّ حارثة (٤) تزوج إلى طيء بامرأة من بني نبهان (٥)، فأولدها جبلة وزيدا وأسماء، فتوفّيت أمّهم، وبقوا في حجر جدّهم (٦) لأمّهم، وأراد أبوهم حملهم، فأبى عليه جدّهم، ثمّ تراضوا على أن حمل جبلة وأسماء، وترك زيدا عند جدّه، فجاءت خيل من تهامة، فأغارت على طيء، فسبت زيدا، وطاروا به إلى سوق عكاظ، فرآه النّبيّ (٧) عليه السّلام من قبل أن يبعث، فقال لخديجة: «يا خديجة، رأيت في السّوق غلاما صفته كيت وكيت، يصف عقلا وأدبا وجمالا (٨)، (٢٦٥ و) لو أنّ لي مالا لاشتريته»، فأمرت خديجة ورقة بن نوفل، فاشتراه من مالها، فقال لها النّبيّ عليه السّلام: «يا خديجة، هذا الغلام بطيبة من نفسك»، فقال: يا محمد، إني رأيت غلاما رضيّا، وأحبّ أن أتبنّاه، وأخاف أن تبيعه، أو تهبه، فقال: «يا موفّقة، ما أردت إلا أن أتبنّاه»، فقالت له (٩): خذه يا محمد، فربّاه وتبنّاه، وكان يقال له: زيد بن محمد، فجاء رجل من الحيّ فرأى زيدا، فعرفه، فقال: ألست زيد بن حارثة؟ قال: لا، أنا زيد بن محمد، قال: بلى أنت زيد بن حارثة، نسبة أبيك وعميك (١٠) وإخوتك كيت وكيت، وقد أتعبوا الأبدان، وأنفقوا


(١) أرى والله أعلم: أن ذكر أسامة بن زيد هنا مقحم.
(٢) ينظر: تاريخ الطبري ١/ ٤٧٥.
(٣) ينظر: تفسير القرطبي ٨/ ٢٣٦ - ٢٣٧.
(٤) (وعن سليمان بن يسار. . . روي: أن حارثة)، ساقط من أ.
(٥) ع: نهبان.
(٦) الأصول المخطوطة: أمهم، وفي حاشية الأصل: مكتوب لعله: جدهم. وهو أوفق بالمعنى.
(٧) حرف الظاء من كلمة عكاظ، وقوله: فرآه النبي، بياض في أ.
(٨) ع: جمالا وأدبا.
(٩) ك: خديجة.
(١٠) ع: وعمك.

<<  <  ج: ص:  >  >>