للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتلجلجوا، وقالوا: نعطي ما عرضنا عليك يا محمد، قالوا: هاهنا (١) خصلة غير هذه، قد جعلت الأمر إليه، إن شاء فليرحل، قالوا: يا محمد، ما بقي، قضيت ما عليك، يا زيد (٢) فانطلق معنا، قال: هيهات هيهات، ما أريد برسول الله بدلا، ولا أوثر عليه أحدا، قال أبوه: يا نبيّ الله، أمّا أنا (٣) فأقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسوله، فآمن حارثة، وأبى الباقون، ورجعوا إلى البريّة. والحديث مختصر. (٤)

وعن أبي عمرو الشيبانيّ: أنّ جبلة بن حارثة قال: قدمت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت له: يا رسول الله، ابعث معي أخي زيدا، قال: هو ذا، فإن انطلق معك لم أمنعه، قال زيد: يا رسول الله، والله لا أختار عليك أحدا، قال جبلة بن حارثة: فرأيت رأي أخي أفضل. (٥)

وعن عمر: أنّه فرض لأسامة بن زيد في ثلاثة آلاف وخمس مئة، وفرض لعبد الله بن عمر في ثلاثة آلاف، فقال عبد الله لأبيه: لم فضّلت أسامة عليّ، فوالله ما سبقني إلى مشهد، قال: لأنّ زيدا كان أحبّ إلى رسول الله من أبيك، وكان أسامة أحبّ إلى رسول الله (٦) منك، فآثرت حبّ رسول الله على حبّي. (٧) وعن ابن عمر: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث بعثا وأمّر عليهم أسامة بن زيد، وطعن (٨) النّاس في إمرته (٩)، فقال: إن تطعنوا في إمرته فقد كنتم تطعنون في إمرة أبيه من قبل، وايم الله، إن كان لخليقا للإمارة، وإن كان لمن أحبّ النّاس إليّ، وإنّ هذا من أحبّ النّاس إليّ بعده. (١٠) فلمّا كان زيد من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بهذه المنزلة أحبّ إكرامه وتشريفه بأن تزوّج منه بنت عمّته، فترفعت المرأة عن ذلك، فأنزل الله هذه الآية، فسلّمت لحكم الله، وتزوّجت بزيد بن حارثة.

٣٧ - {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ:} إنعام الله توفيقه للإيمان، وإنعام رسول الله هو عتقه وتزويجه. (١١)


(١) الأصل وك وأ: هاهنا. وهو الصواب، ينظر: مصادر التخريج.
(٢) ع: يا زيد ما عليك.
(٣) الأصل وك وأ: أني.
(٤) ينظر قصة زيد ومجيء أهله في الطبقات الكبرى ٣/ ٤١، والفوائد ٢/ ٨٣ - ٨٥، وصفة الصفوة ١/ ٣٧٨ - ٣٨١.
(٥) أخرجه الترمذي في السنن (٣٨١٥)، والطبراني في الآحاد والمثاني (٢٦٠٠)، والحاكم في المستدرك ٣/ ٢٣٧، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
(٦) (من أبيك، وكان أسامة أحب إلى رسول الله)، ساقط من ع.
(٧) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٢٨٧٨)، والترمذي (٣٨١٣)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
(٨) أ: فطعن.
(٩) أ: امرأة، وكذلك التي بعدها. وما أثبت الصواب لأن الحديث هنا عن الإمارة.
(١٠) أخرجه البخاري (٤٢٥٠)، ومسلم في صحيحه (٢٤٢٦)، والترمذي في السنن (٣٨١٦).
(١١) ينظر: تفسير الطبري ١٠/ ٣٠٢، والتفسير الكبير ٩/ ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>