للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله الأرواح، فيؤتى بها، فتوهّج أرواح المسلمين نورا، والأخرى مظلمة (١)، فيأخذها، فيلقيها (٢٧٧ و) في الصّور، ثمّ يقول لإسرافيل: انفخ نفخة البعث، فينفخ، فتخرج الأرواح كأمثال النّحل قد ملأت ما بين السماء والأرض، فيقول الله عز وجل: وعزّتي وجلالي، لترجعنّ كلّ روح إلى جسده، فتدخل الأرواح إلى الأجساد، فيدخل في الخياشيم، فتمشي في الأجساد مشي السّمّ في اللّديغ، ثمّ تنشقّ الأرض عنكم، وأنا أوّل من تنشقّ الأرض عنه، فتخرجون منها شبابا كلّكم أبناء ثلاث وثلاثين (٢)، واللّسان يومئذ بالسّريانيّة، سراعا (٣) إلى ربّهم ينسلون، {مُهْطِعِينَ إِلَى الدّاعِ (٤)} يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ، {ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ،} {وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً} فتوقفون في موقف حفاة عراة غرلا مقدار سبعين سنة، لا ينظر الله إليكم، ولا يقضي بينكم، فتبكي الخلائق حتى تنقطع الدّموع، ثمّ تدمع دماء، ويعرقون حتى يبلغ منهم الأذقان، أو يلجمهم، فتضجّون، فتقولون: من يشفع لنا إلى ربّنا؛ ليقضي بيننا؟ فيقولون: من أحقّ بذلك من أبيكم آدم، خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وكلّمه قبلا؟ فيؤتى آدم يطلب ذلك إليه، فيأبى، ثمّ يستقرون (٥) الأنبياء نبيّا نبيّا، كلمّا جاءوا نبيّا أبى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: حتى يأتوني، فإذا جاؤوني، انطلقت حتى آتي الفحص، فأخرّ قدّام العرش لربّي ساجدا حتى يبعث الله إليّ ملكا، فيأخذ بعضدي، فيرفعني، فقال أبو هريرة: فقلت: يا رسول الله، وما الفحص؟ قال: قدّام العرش، فإذا رفعني الملك، [فيقول لي: يا محمد، فأقول: لبّيك يا ربّ، فيقول الله عز وجل] (٦) ما شأنك يا محمد؟ وهو أعلم، فأقول: يا ربّ، وعدتني الشّفاعة، فشفّعني في خلقك، فاقض بينهم، فيقول الله عز وجل: قد شفّعتك، أنا آتيكم، وأقضي بينكم، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فأرجع وأقف مع النّاس، فبينا نحن وقوف إذ سمعنا حسّا شديدا من السماء، فهالنا، ونزل أهل السّماء الدّنيا بمثلي (٧) من فيها من الإنس والجنّ حتى إذا دنوا من الأرض، وأخذوا مصافّهم، قلنا:

أفيكم ربّنا؟ فيقولون: لا، وهو آت، ثمّ ينزلون على قدر ذلك من التّضعيف حتى ينزل الجبّار جلّ جلاله في ظلل من الغمام، يحمل عرشه يومئذ ثمانية، وهم اليوم أربعة، أقدامهم في تخوم الأرض السّفلى والأرضون والسّماوات إلى حجرهم (٨)، والعرش على منكبهم، لهم زجل


(١) الأصل وك وأ: مطلمته.
(٢) ع: ثلاث وثلاثين سنة.
(٣) ساقطة من ع.
(٤) الأصل وك وأ: الداعي.
(٥) مصدر التخريج: فيستنصرون.
(٦) زيادة من كتب التخريج.
(٧) ع: بمثله.
(٨) ع وأ: مجرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>