للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنّني مقتول، فتقدّم حتى قتل هو و (١) من كان معه، فأمهل داود (٢٨٣ و) المرأة حتى انقضت عدتها، ثمّ تزوج بها، فبينا يصلّي داود عليه السّلام ذات يوم في المحراب إذ تسوّر عليه الملكان المحراب حتى هبطا عليه في صورة رجلين، فخاف أنّهما يريدانه بسوء، وغضب على أحارسه، فقالا: لا تخف، فإنّا خصمان، قال لهما: ارجعا ليس هذا يوم قضاء، قالا: حاجتنا يسيرة، قال:

هاتيا، قال أحدهما: {إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} إلى آخر الآية، فحكم بينهما، فارتفعا في السّماء، وهو ينظر إليهما، وهما يقولان: يا داود حكمت على نفسك، فعلم عند ذلك أنّه مفتون، فخرّ مغشيا عليه، ثمّ أفاق وهو يقول: إلهي، كيف أعمل، ولست تغفل عنّي؟ إلهي، كيف أعمل إن لم تقبل توبتي؟، إلهي، كيف أعمل؟ وكيف أتوب؟ وكيف توبتي؟ إلهي، كيف أعتذر ولا عذر لي؟ إلهي، كيف ألقاك وأنا صاحب الخطيئة؟ إلهي، كيف ألقاك وأنا صاحب البليّة؟ إلهي، ما حجّتي يوم ألقاك وأنا صاحب الزّلّة؟ إلهي، ما حجّتي يوم ألقاك وأنا صاحب أوريا؟ إلهي ما حجّتي يوم (٢) ألقاك وأنا صاحب الذّنب العظيم؟ فأوحى الله إليه: أجائع أنت فأشبعك؟ أم عطشان فأرويك؟ أم عار فأكسوك؟ فقال: إلهي، أنت أعلم بحاجتي، قال:

فأوحى الله تعالى أن انطلق إلى قبر أوريا، فإنّي قد أذنت له في كلامك، فاستوهبه الذّنب، فإن وهبه لك غفرته لك، فانطلق داود عليه السّلام إلى قبر أوريا، وكان قد نقل إلى بيت المقدس، فدعاه داود عليه السّلام، فأجاب أوريا: من الذي أيقظني من نومي، وقطع عليّ لذّتي؟ قال داود عليه السّلام: أنا أخوك داود، قال: مرحبا بك يا نبيّ الله، فما حاجتك إليّ؟ قال: ذنب كان منّي إليك، قال: جعلتك في حلّ، قال: فانصرف داود، وقد ذهب بعض همّه، فبينا هو يمشي منصرفا إذ أوحى الله إليه: يا داود، إنّي حكم عدل لا أحكم بالغيب، فانصرف إليه، وبيّن له الذّنب، فانصرف داود عليه السّلام على فوره إلى قبره، ثمّ دعاه، فأجابه: من هذا الذي أيقظني من نومتي وقطع عليّ لذّتي؟ قال: أنا أخوك داود، قال: فيما عدت إليّ يا نبيّ الله؟ قال:

أستوهبك الذّنب الذي كان منّي إليك، قال: أولم أجعلك في حلّ؟ قال: إنّ ربّي أمرني أن أخبرك به، قال: وما هو؟ قال: إنّي عرّضتك للمكاره والمهالك (٣) من أجل امرأتك، قال:

صنعت لماذا (٤) قال: لأتزوج من بعدك، قال: فهل تزوّجت بها؟ قال: نعم، قال: لست أجعلك في حلّ حتى أخاصمك يوم القيامة بين يدي (٥) الله عزّ وجلّ، فوضع يده على رأسه، وخرّ


(١) ساقطة من أ.
(٢) (وأنا صاحب الزلة؟. . . إلهي ما حجتي يوم)، ساقط من ك.
(٣) ع: للمهالك والمكاره.
(٤) الأصل وك: لما ذي.
(٥) أ: يد.

<<  <  ج: ص:  >  >>